النعمي: الولايات المتحدة دفعت السراج للاستعانة بحليفها التركي لإحداث التوازن مع روسيا

  • حفتر لم يعد قادرًا على شن حرب جديدة في ليبيا لأنه لم يعد يملك الدعم المصري أو الإماراتي

 

 

رأى عبد الحميد النعمي، وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ السابقة برئاسة ‏خليفة الغويل، أن زيارة وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة نجلاء المنقوش إلى روسيا هي زيارة مجاملة بروتوكولية ضعيفة الأثر على الواقع السياسي الليبي.

وأشار، في مقابلة لـ”تغطية خاصة” عبر فضائية “التناصح”، إلى أن السياسة الخارجية في دول العالم الثالث يصنعها القادة وليس وزراء الخارجية، خاصة إذا كانت التي تشغل المنصب سيدة، لافتا إلى أن تعيين وزيرات في حكومات تلك الدول لا يعدو كونه استكمالا للشكل ومغازلة للغرب.

وأضاف أن الزيارة تمثل رسالة من المنقوش للداخل الليبي بعد الانتقادات التي تعرضت لها في الفترة الأخيرة، خاصة في ظل الحديث الدائر عن انسحاب القوات الأجنبية حيث أرادت المشاركة في المشهد ليس أكثر.

وعن الدور الروسي في ليبيا أكد أنه لا يمثل ثقلاً استراتيجيًا لا من الناحية العسكرية ولا السياسية، مشيرًا إلى أن تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الأخيرة تم تحريفها والتلاعب بها من قبل تيار خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح للإيحاء بأن لهم شريكًا دوليًا مهمًا هو روسيا وأن هناك تفاوضًا من أجل الانسحاب.

وأكد أن التواجد الروسي في ليبيا غرضه تحسين وضعها التفاوضي للحصول على ترضية اقتصادية، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة وحلف الأطلسي لن يسمحوا بأن يكون لروسيا دور سياسي أو عسكري في ليبيا.

وأوضح أن التواجد الروسي في ليبيا ينظر إليه من قبل الغرب باعتباره تهديدًا استراتيجيًا على المدى القصير، مشيرًا إلى أن النفوذ العسكري هو عادة تعبير عن النفوذ الاقتصادي وأن هذا النفوذ بالنسبة لروسيا محدود بالمعنى الذي تمثله الولايات المتحدة وأوروبا والصين، وبهذا المعنى يؤخذ التواجد الروسي في ليبيا في الحسبان حتى لا يتمدد نفوذها الاقتصادي.

ورأى أن النفوذ التركي في ليبيا أكثر إزعاجًا لأوروبا منن النفوذ الروسي، باعتباره يحمل جانبًا حضاريًا واختلافًا في الثقافة، مشيرًا إلى أن أوروبا منزعجة من النهضة الاقتصادية التي حققتها تركيا ومعدلات النمو ورؤيتها المتعادلة بين العلمانية والليبرالية من ناحية والثقافة الإسلامية من ناحية أخرى، ما يجعل النموذج التركي تحديا بالنسبة لأوروبا.

وألمح إلى أن التواجد التركي في ليبيا مرشح لأن يكون دائمًا لأنه تواجد حضاري وأيديولوجي وعسكري وهذا يزعج أوروبا أكثر من التواجد الروسي لأن التواجد الروسي محدود في نطاق معين.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة وراء التدخل التركي في ليبيا حيث وقع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المنتهية ولايتها فائز السراج الاتفاق التركي أثناء تواجده في واشنطن وغادر منها متوجها إلى أنقرة، موضحًا أن واشنطن كانت مضطرة للاستعانة بحليفها التركي للتدخل في ليبيا لإحداث التوازن مع روسيا.

وتابع بأن الولايات المتحدة لا يمكنها الاستغناء عن حليفها التركي في الوقت الحالي لأنها تحتاج إليه في المواجهة مع روسيا وإيران في الشرق الأوسط، ولإحداث التوازن في الساحة الليبية حتى لا تسمح لروسيا بتوسيع نفوذها.

واعتبر أن تصريحات مستشار الكرملين بشأن قدرة روسيا على إعادة تصحيح الأوضاع التي فرضها الغرب على ليبيا، وما يتردد عن دعمها تحالف سيف الإسلام معمر القذافي وخليفة حفتر لوصول سيف الإسلام إلى حكم ليبيا هي من قبيل التهديد والابتزاز وليست تعبيرا عن واقع قوة حقيقية، مؤكدا أنها لا تملك هذا النفوذ في ليبيا.

وتطرق إلى ظهور سيف الإسلام القذافي، واعتبر أنه غير موفق وفي غير صالح سيف الإسلام نفسه، من حيث توقيته والشكل الذي ظهر عليه سواء بارتداء عصابة على الرأس أو باللحية.

ورأى أن الشكل الذي ظهر به سيف الإسلام لا يمثل السمات المناسبة لتسويقها خاصة بالنسبة للغرب وفي القرن الـ21، مشيرًا إلى أنه تم ربطه بتنظيم القاعدة والتيارات الدينية والإرهاب، ما مثل له حرجًا أكثر ما مثل من فائدة.

وأضاف أن هذا الظهور جعل من الصعب تصور وجود تحالف مع حفتر، خاصة أنه قدم طرحًا مختلفا برؤية مختلفة وزعامة منفصلة، مشيرا إلى أن مثل هذه التحالفات تتم مناقشتها والاتفاق بشأنها في الغرف المغلقة.

وأضاف أن سيف الإسلام تعرض لهجوم كبير من قبل تيار حفتر ما يجعل من الصعب وجود مسار تعاون أو إقامة تحالف كما يزعم الروس، كما يشير، برأيه، إلى أن تياري حفتر وسيف الإسلام لا يملكان زمام المبادرة في ليبيا، مستدركا بأنهما قادران على التشويش على المشهد.

وأوضح أن حفتر لم يعد قادرًا على شن حرب جديدة في ليبيا لأنه لم يعد يملك الدعم المصري أو الإماراتي كما في السابق، إضافة إلى أن روسيا لن تسمح لنفسها الدخول في حرب لا تعلم ما سيواجهها خلالها من أسلحة تركية في المرة القادمة.

ورأى أن المنطقة الشرقية الخاضعة لسيطرة حفتر وعقيلة لم يعد لها مشروع تقدمه لليبيا، وأن الوضع بها يظل قائما وكذلك المنطقة الغربية، مؤكدًا أنه إذا صدقت النوايا فإنه لابد من مشروع سياسي يبدأ بتفعيل الدائرة الدستورية، وتفعيل دور القضاء المستقل، إذا كانت هناك رغبة فعلية في التقدم نحو الديمقراطية والدولة المدنية.

وشدد على أن الليبيين لن يتوصلوا إلى حل ما لم يمتلكوا زمام المبادرة خاصة في ظل سيطرة القوى الدولية والإقليمية على مسارات الحل في ليبيا، مؤكدا أن كل الحلول المطروحة تدر في إطار مصالح تلك الأطراف سواء الولايات المتحدة أو روسيا أو تركيا أو مصر وغيرها.

وأشار إلى أن الليبيين عليهم البناء على ما يمكن اعتباره إنجازات على مستوى الشرعية الدستورية سواء الإعلان الدستوري بعد فبراير أو الاتفاقات السياسية عبر جنيف وتونس والغردقة، وهي كلها أرضيات قانونية يجب التمسك بها والانطلاق منها.

——–
ليبيا برس