أنقرة تسعى لإحياء تعاقدات “ليبيا الغد”.. وخبير تركي: الفرصة متاحة ليكون لنا دور بنّاء في ليبيا

أكد الخبير في الشأن التركي، ديفيد ليبيسكا، أن تركيا من الممكن أن يكون لها دورا بناء في ليبيا، لافتا أن البلدان التزما بمشاريع مشتركة في مجالات الطاقة وإعادة الإعمار، مما يعزز دور تركيا في ليبيا ما بعد الصراع.

وأضاف ليبيسكا، في مقال له بصحيفة “the national news”، أن “أنقرة بدأت بالتورط في الحرب الليبية بالظهور في يناير 2018م، عندما احتجز خفر السواحل اليوناني سفينة شحن تحمل أسلحة ومتفجرات من تركيا إلى ميناء مصراتة، وعندما تم الاستيلاء على سفينة تركية تحمل آلاف البنادق في ميناء الخمس في وقت لاحق من ذلك العام، تم الكشف عن دعم الحكومة التركية لحكومة الوفاق المنتهية ولايتها”.

وفيما يخص دعم تركيا للإرهاب في ليبيا أشار إلى أن “القنوات والمنافذ الإخبارية المصرية أكدت أن تركيا ترعى الإرهاب وتشكل تهديدا مباشرا للأمن المصري، ومن جانب آخر قالت الأمم المتحدة إن مشاركة تركيا مقلقة للغاية، وحثت مجموعة ليبية لحقوق الإنسان الأمم المتحدة على اتخاذ إجراء”.

ورأى الخبير التركي، أنه بالرغم من ذلك واصلت أنقرة إرسال معدات عسكرية وطائرات بدون طيار متطورة لدعم حكومة الوفاق في مواجهة هجوم كبير شنه “الجيش الليبي” بقيادة خليفة حفتر في أبريل 2019م، مشيرًا إلى أنه في ديسمبر ضاعفت تركيا من حجمها، ووقعت صفقة بحرية مع حكومة الوفاق، وسعت مطالبها في شرق البحر الأبيض المتوسط والشروع في تدخل عسكري كامل.

وأوضح أن أنقرة سعت إلى الحصول على موطئ قدم في المغرب الكبير، لضمان إحياء التعاقدات المبرمة مع النظام السابق بـ20 مليار دولار، “مشروع “ليبيا الغد” الذي أطلقه سيف الإسلام القذافي”، بجانب اكتساب نفوذ في مطاردة شرق البحر المتوسط للغاز الطبيعي.

ووفقًا للمقال انتهكت بعض الدول الأخرى المتورطة في النزاع الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة، لكن التركيز هنا على تركيا لأن تدخلها هو الذي بدا أنه يغير مجرى الأحداث، وتركيا الآن في وضع جيد للمساعدة في تحقيق الاستقرار في البلاد في الفترة التي تسبق انتخابات ديسمبر، إذا لعبت أوراقها بشكل صحيح، يمكن لأنقرة أيضا أن تعزز جهودها لتعزيز العلاقات المضطربة منذ فترة طويلة مع القوى الإقليمية والعالمية.

كما تطرق المقال، إلى حديث دبلوماسي أمريكي كبير، حيث حث تركيا ودول أخرى على وقف جميع العمليات العسكرية في ليبيا وسحب قواتها لضمان الأمن في انتخابات ديسمبر، في الوقت الذي حث فيه أيضا مجلس الأمن ووزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، نجلاء المنقوش، القوات الأجنبية على المغادرة، ولكن تركيا تمسكت بموقفها، بحجة أن قواتها جاءت بناء على طلب حكومة الوفاق وأنها تفي بالتزامها.

وأضاف أن الأسابيع المقبلة تمثل فرصة مثالية لتركيا لسحب غالبية قواتها بأقل قدر من فقدان النفوذ، ويمكن إعطاء الانسحاب التركي الكبير شرط موافقة الحكومة الجديدة على الحفاظ على اتفاق الحدود البحرية وإعادة تأكيد التزامها بتجديد العقود التركية المربحة التي أبرمت في ظل الأنظمة السابقة، مشيرًا إلى أن تركيا بالفعل من بين المستفيدين الأكثر احتمالا من انتعاش الاقتصاد الليبي، لكنها لا تزال تسعى للحصول على تأكيدات بأن طرابلس ستدعم موقفها في شرق البحر المتوسط.

وأوضح أنه يمكن للمستشارين العسكريين الأتراك البقاء ومواصلة التدريب الكبير الذي كانوا يقومون به، في حين أن التكنوقراط الأتراك سيساعدون في تقديم المشورة للهيئات الحكومية الناشئة، ويمكن لهذا الدور المؤسسي أن يعزز الأمن في ليبيا ويساعد على ضمان نجاح العقود التجارية التركية.

وبين المقال أنه في الأسابيع الأخيرة، أطلقت إدارة بايدن جهدا لإعادة فتح سفارتها في ليبيا بعد سبع سنوات من إغلاقها، وأصبح القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأمريكي جوي هود أعلى دبلوماسي أمريكي يزور ليبيا منذ عام 2014م، لافتًا أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أكد على ضرورة إنهاء التدخلات الأجنبية وتحسين الوضع الأمني.

وبحسب المقال، أعاد الاتحاد الأوروبي فتح بعثته في طرابلس في وقت سابق من هذا الشهر، وأعادت دول أخرى وجودها الدبلوماسي إلى ليبيا أيضا، على الرغم من المخاطر الأمنية العالقة، والتي وصفها التقرير الصادر عن الأمم المتحدة في مارس الماضي عن ليبيا، حيث أكد أنها شبه خارجة عن القانون ومليئة بالأسلحة الأجنبية، وبها انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، ومرتزقة من تشاد والسودان وسوريا يقاتلون السكان المحليين والمليشيات الإقليمية.

وأضاف أن هناك مشروع قانون في مجلس النواب الأمريكي من شأنه أن يفرض عقوبات على الكيانات التي تنتهك حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا حظى بدعم ثنائي، لذا فإن الانسحاب التركي من شأنه أن يرضي المطالب الأمريكية ويحتمل أن يدفع الجهات الخارجية الأخرى إلى أن تحذو حذوها.

وأكد المقال أنه يمكن لتركيا الاستفادة من نفوذها الكبير داخل حكومة الوحدة الوطنية لتسهيل عودة الولايات المتحدة، وتعزيز الموقف الأمريكي في شمال إفريقيا، وهذا من شأنه أن يتماشى مع التزام الولايات المتحدة وتركيا العام الماضي بالعمل عن كثب في ليبيا.

وأشار أن الاتحاد الأوروبي كان له دور كبير في شمال إفريقيا منذ فترة طويلة لأسباب تاريخية وأمنية وتجارية، مضيفاً أن مستشارو الاتحاد الأوروبي يقومون منذ سنوات بتدريب خفر السواحل الليبي للقيام بدوريات في مياهه ووقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين.

كما كشف المقال أن تركيا بدأت في الأسابيع الأخيرة بالعمل مع خفر السواحل الليبي لاعتراض قوارب المهاجرين المتجهة إلى أوروبا، بما في ذلك زورق يحمل ما يقرب من 100 شخص في وقت سابق من هذا الشهر، ويمكن لتركيا أن تحافظ على وجود بحري في الخمس، وأن تنضم إلى الاتحاد الأوروبي لمساعدة ليبيا على وقف المهاجرين، وتشجيع العلاقات المحسنة.

وكشف أن تقرير الأمم المتحدة الأسبوع الماضي انتقد الاتحاد الأوروبي وليبيا في مسؤولية وفيات المهاجرين في وسط البحر الأبيض المتوسط، وحثت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليت الاتحاد الأوروبي على زيادة حماية المهاجرين، لذا ينبغي على بروكسل أن ترحب بمساعدة أنقرة.

وأشار أن تركيا سعت في الأسابيع الأخيرة إلى التقارب مع مصر، بعد سنوات من الجمود الشديد، ووضعت مصر الانسحاب التركي من ليبيا على رأس جدول الأعمال، وبالتالي، فإن سحب تركيا معظم قواتها، والأهم جميع مرتزقتها السوريين، من شأنه أن يقطع شوطًا طويلاً نحو تهدئة العلاقات مع مصر.

وفي هذا الشان شكك المقال من إمكانية انسحاب تركيا بالكامل أو بسرعة كبيرة، وذلك بسبب الحادثة التى وقعت الشهر الماضي وأدت إلى إلغاء الدبيبة رحلته إلى شرق ليبيا بعد أن رفضت قوات حفتر تسليم أمن مطار بنغازي، وهي حادثة ستؤكد بالنسبة لأنقرة استمرار الحاجة إلى بعض المساعدة التركية للدبيبة.

ووفقاً للمقال سيجتمع أعضاء الناتو الثلاثين في مقر الحلف في بروكسل في غضون أسبوعين، وقد توفر تلك القمة لتركيا فرصة مثالية للتقرب من حلفائها من خلال الإعلان عن تحول كبير في دورها في ليبيا، من عسكري في المقام الأول إلى اقتصادي وسياسي بشكل رئيسي، ومن التركيز على العلاقات مع الإسلاميين وقادة الميليشيات إلى بناء المؤسسات.

واختتم المقال بالإشارة إلى تصريح وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي، مصطفى فارانك، الذي قال: “عالم مختلف تمامًا ينتظر ليبيا بانتخابات نهاية عام 2021، في العصر الجديد، يجب أن نطلق العنان لإمكانات ليبيا معاً”.

————-

ليبيا برس