الغويل: لن تتحقق العدالة الاجتماعية إلا إذا أعيد للدولة اعتبارها الاقتصادي ‏والاجتماعي

أكد وزير الدولة للشؤون الاقتصادية في حكومة الوحدة المؤقتة، ‏سلامة الغويل، أن توحيد المؤسسات المالية ضرورة ملحة، لذلك ‏تمتلك خطط لتوحيد تلك المؤسسات وإنهاء أزمة السيولة ودعم ‏السيولة ودعم الاقتصاد المحلي، وتنوع مصادر الدخل.‏

وأوضح الغويل في تصريحات لموقع “العربي الجديد” أن السوق ‏الليبي الآن، بات جاذبا للاستثمارات، خاصة وأننا نتعامل مع ‏مختلف القضايا، كونها تحديات تتطلب معالجات مناسبة، وعليه ‏فإن أبرز التحديات الآن هو تحقيق العدالة الاجتماعية، وذلك غير ‏ممكن إلا إذا أعيد للدولة اعتبارها في الميدانين الاقتصادي ‏والاجتماعي، وتدخلها في تقييم وسائل الإنتاج وإحداث نهضة ‏جديدة كون ذلك كله له علاقة وثيقة بتحقيق العدالة في تلبية ‏الحقوق الاجتماعية‎.‎

ولفت إلى أنه في هذا الإطار نؤكد على ضرورة الاهتمام بالمرافق ‏العامة الأساسية القائمة، واستحداث بنية تحتية جديدة تسهم في ‏تطوير الاقتصاد الوطني مثل، سكة الحديد والموانئ والمطارات ‏والطاقة، وبناء قطاع عام قوي يتحمل المسؤولية الرئيسية في خطة ‏التنمية، وذلك من خلال بناء مدن صناعية وإيجاد منافذ بيع في ‏الأسواق الأفريقية والآسيوية والأوروبية، عبر الشراكة مع الدول ‏الصناعية لنقل تجاربهم والاستفادة منها في توفير فرص عمل تليق ‏بالمواطن الليبي‎.‎

وتطرق بالحديث عن دور القطاع الخاص في ذلك الأمر، أنه من ‏الضروري جداً مشاركة القطاع الخاص الوطني في النشاط ‏الاقتصادي بشكل حقيقي، دونما استغلال للمستهلكين والعاملين في ‏إطار الالتزام بالتخطيط الوطني الشامل للدولة، وتقتضي العدالة ‏العمل على جلب رؤوس الأموال الصناعية والتجارية والخدمية ‏الخاصة، لعمل مشروعات في مختلف المدن الليبية لضمان تحقيق ‏التنمية المكانية‎.‎

وتحدث عن إجراءات توزيع عوائد الدخل وتحقيق العدالة ‏الاجتماعية، مُبيّنًا أنها تتمثل في هيكلة النفقات العامة حيث تقوم بدور هام في إعادة توزيع ‏الدخل، لاسيما النفقات التحويلية التي تستمد أهميتها من تأثيرها ‏في إعادة توزيع الدخل الوطني، ويقع في قلب النفقات العامة ‏المطلوبة لدعم الدولة للسلع والخدمات وخاصة تلك التي ‏يستهلكها السواد الأعظم من المواطنين.‏

وأوضح أن من بين إجراءات توزيع عوائد الدخل وتحقيق العدالة ‏الاجتماعية، العمل على تنظيم العلاقات الإيجارية بين الملاك ‏والمستأجرين في مختلف أوجه الانتفاع السكني والتجاري أو ‏الصناعي‎، بالإضافة لتوفير الحقوق التأمينية ضد البطالة وحوادث العمل والعجز ‏الكلي أو الجزئي، لأنها من حقوق الإنسان الأساسية، وتقوم في هذا ‏الإطار صناديق التأمين والضمان الاجتماعي بدور مهم في تأمين ‏الإنسان ضد مخاطر العمل والخوف على المستقبل‎.‎

ورأى أن تتم إعادة تكييف السياسات الضريبية بحيث تتم إعادة النظر ‏فيها بناء على الفرق في الدخول والثروات في المجتمع الليبي، ‏والعمل على الحد من تفاوت المستويات المعيشية وتوفير حياة ‏كريمة للمواطن‎، فضلاً عن التشديد على ضرورة الالتزام بالسياسات التعليمية، لضمان ‏عدالة الفرص أمام المواطنين في مجال التعليم والتوظيف على ‏اختلاف أوضاعهم الاجتماعية ومواقعهم الطبقية، باعتبار ذلك ‏الالتزام ضرورة لا غنى عنها لضمان الحقوق الاجتماعية وكفالتها ‏على أساس عادل، وامتداد مفهوم العدالة الاجتماعية، ليشمل النوع وذلك ‏بوضع استراتيجية وطنية للنهوض بالمرأة الليبية في جميع ‏المجالات، ويمتد مفهوم العدالة الاجتماعية، لتحقيق العدالة ‏المكانية بين مختلف المدن والمناطق على نحو يوفر قاعدة ‏للتماسك الاجتماعي‎.‎

وأشار كذلك إلى أن هناك آليات تعزيز يمكن اللجوء إليها لتحقيق ‏العدالة الاجتماعية ومنها؛ استحداث صناديق لمكافحة الفقر على الصعيد الوطني وذلك ‏لمنع إعادة إنتاج الفقر نفسه بين الفئات الاجتماعية في ليبيا، والمسارعة بوضع سياسات لصناديق إعادة الإعمار، لما لها من ‏أهمية كبرى في إعادة بناء ما دمرته آلة الحرب‎.‎

وقال إن الحكومة تعمل على إدخال إصلاحات هامة للاقتصاد ‏الليبي، وانطلقنا في ذلك من خلال حل الأزمة المصرفية وطرح ‏ميزانية موحدة للدولة، وقمنا بجدولة زمنية لإنجاز الإصلاحات، ‏كون توحيد المؤسسات المالية ضرورة ملحة وتترتب عليها آثار ‏إيجابية ملموسة سنحصد نتائجها المثمرة في الأجل القريب‎.‎

وأكد أن تلك الخطة تتبلور في إيجاد البيئة الآمنة، وخلق نوع من ‏التنافسية بين المؤسسات، التي تنفذ السياسات النقدية، كما تعمل ‏الحكومة على مراقبة المؤسسات، التي تملك القرار النقدي وتقويم ‏عملها بشكل مستمر لتحقيق مصلحة المواطن، وأصبحنا نشهد ‏تحسنا ملموسا في هذا الإطار وسوف يتطور إلى أن تصبح الخدمات ‏المصرفية في المستوى المطلوب، أما بخصوص منحة أرباب الأسرة ‏فقد تم البدء فعليا في صرفها لمستحقيها‎.‎

وأشار إلى أن العلاقة بين الاستثمار والأمن متلازمة، باعتبار أن الأمن ‏يمثل العمود الفقري الذي يقوم عليه النشاط الاقتصادي ‏والاستثماري على حد سواء، وهو الذي يُهيئ الطريق أمام ‏المستثمرين لتنفيذ مشروعاتهم، لذا تعمل حكومة الوحدة المؤقتة ‏على تكريس الأمن والاستقرار والاهتمام بالجانب الاستثماري، ‏وتهيئة الظروف المناسبة أمامه وتحويل التنمية من المفهوم ‏التقليدي، الذي يهتم بالنمو الاقتصادي إلى رؤية جديدة هي ‏الاستثمار ثم إلى تحقيق التنمية المستدامة.‏

وتحدث عن قطاع النفط وتخصيص وزارة لها، بقوله إن الهدف ‏الرئيسي من وجود وزارة النفط هو إدارة وتنمية قطاع النفط والغاز، ‏ووضع الاستراتيجيات والسياسات والخطط العامة اللازمة للنهوض ‏بالقطاع وتنظيم وتنسيق وتنفيذ عملية الرقابة عليه، وإجراء ‏الدراسات الفنية المتعلقة بالنفط والغاز ووضع السياسات ‏المرتبطة بتسويق وتصدير النفط الخام وكذلك الغاز، وتحديث ‏البنية التحتية للقطاع والتفاوض مع الدول الأخرى في إطار إبرام ‏العقود والاتفاقيات الخاصة باستكشاف النفط، بالإضافة إلى ‏توطيد العلاقات مع الهيئات والمنظمات الدولية والمعاهد ‏المتخصصة في مجال نشاطها‎.‎

أما عن تنويع مصادر الدخل، فقال إن النفط هو المصدر الأساسي ‏للاقتصاد الوطني والمساهم الأول في الناتج المحلي الإجمالي، لكن ‏ليبيا لديها إمكانات هائلة توفر لها مقومات اقتصادية لإحداث ‏تنويع في مصادر الدخل، ولعل قطاع الخدمات يعد من القطاعات ‏الواعدة، التي يمكن أن تشارك في تنويع مصادر الدخل الاقتصادي ‏لليبيا، خاصة خدمات التمويل وتقديم الاستشارات المالية ‏والإدارية، وكذلك تتوفر في قطاع الصناعات المعرفية القائمة على ‏الاقتصاد الرقمي، أو ما يعرف بالاقتصاد الجديد فرص هائلة، لكون ‏القطاع به فرص من شأنها تمكين الشباب من إنشاء مشروعاتهم ‏بالاعتماد على الخدمات، التي يمكن أن يتيحها الاقتصاد الرقمي في ‏ظل التطور الهائل في صناعة الاتصالات والتجارة الإلكترونية.‏

وتطرق إلى أن هناك قطاعان ستركز عليهما حكومة الدبيبة، وهما، ‏المشروعات الصغرى والمتوسطة، والذي يقوم بدور حيوي في دعم ‏منظومة التنوع وتوفير فرص عمل خاصة للشباب، وبناء روح ‏المبادرة والإبداع لديهم وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، أما الثاني، ‏فهو الابتكار باعتباره أولوية في خطط حكومة الوحدة المؤقتة، ‏لرسم ملامح مستقبل الاقتصاد الليبي‎.‎

ولفت إلى أن هناك آفاق واعدة في مجال الاستثمار في ليبيا، ونحن ‏بدورنا نسعى لتحفيز وتشجيع واستقطاب المستثمرين للعمل في ‏بلادنا وتطوير بنيتها التحتية، وتعمل وزارة الدولة للشؤون ‏الاقتصادية والوزارات ذات العلاقة على فتح الأبواب أمام الاستثمار ‏الخارجي ووضع حوافز لجذب رؤوس الأموال الأجنبية لإعادة بناء ‏الاقتصاد الوطني‎.‎

وأكد أن الحكومة تنتهج سياسة اقتصادية منفتحة على ‏الاقتصاديات الأخرى وتعطي الأسبقية والأولوية للمستثمر المحلي، ‏وفي ذات السياق نسعى لتشجيع المستثمرين الذين لديهم الرغبة في ‏العمل في ليبيا، ومن المعروف أن وضع ليبيا الجغرافي الاستراتيجي ‏الذي يشكل حلقة وصل بين أفريقيا وأوروبا وملتقى بين الغرب ‏والشرق يُمكّنها من القيام بدور فريد في حركة التبادلات التجارية ‏الدولية إذا ما تضافرت الجهود بين المستثمرين الليبيين والأجانب‎.‎

وعن الاتفاقيات مع تركيا ومصر، فقال إنه عندما تبرم الحكومة ‏اتفاقا ما مع أي دولة أخرى، يكون الهدف الرئيسي تحقيق ‏المصلحة الوطنية العليا، فلا يوجد أي اتفاق اقتصادي يقوم من ‏أجل الترضية بقدر ما يقوم بتحقيق منفعة اقتصادية متبادلة، ‏موضحا أن إنشاء المناطق الحرة مع دول الجوار نوعاً استثمارياً ‏متميزاً، وفي ذات الوقت يمثل آلية مهمة من آليات زيادة الصادرات ‏وزيادة الناتج الوطني إلى جانب خلق فرص عمل جديدة نظراً لما ‏تتمتع به من مزايا عدة، أهمها الارتباط المباشر بالعالم الخارجي ‏وتوافر أراض مكتملة المرافق والبنية الأساسية إلى جانب ‏خصوصية التعامل فيها من حيث النواحي الجمركية والاستيرادية ‏والنقدية وغيرها والتي تتعلق بحركة البضائع دخولاً وخروجاً، مما ‏يسمح بقدر كبير من الحرية في المعاملات التي من شأنها جذب ‏الاستثمارات‎.‎

وأشار إلى أن تلك الرؤية تنطلق من عدة أمور، أهمها، هو عدم ‏وجود قيود على جنسية رأس المال، وحرية اختيار الشكل القانوني ‏للمشروع، وكذلك حرية تحديد أسعار المنتجات ونسبة الأرباح، ‏بالإضافة إلى إعفاء الأصول الرأسمالية ومستلزمات الإنتاج ‏والصادرات والواردات من الضرائب، كما تمنح المشروعات القائمة ‏بالمناطق الحرة عددا من الضمانات من أبرزها عدم جواز تأميمها أو ‏مصادرتها أو التحفظ عليها أو نزع ملكية عقاراتها من غير الطريق ‏القضائي‎.‎

أما عن المساعدات الليبية إلى تونس، فقال إنه الاقتصاد التونسي ‏يواجه في الوقت الحالي تحديات جمة يعود جزء منها إلى التداعيات ‏السلبية الناجمة عن انتشار جائحة كورونا، التي زادت من مستوى ‏الضغوط الاقتصادية في مختلف دول العالم، نظراً لتوقف العديد ‏من الأنشطة الاقتصادية، ومن بينها قطاع السياحة الذي يشكل ‏المصدر الأساسي للدخل في تونس، وبغض النظر عن الجدل القائم ‏حاليا فإن من واجبنا الوقوف بجانب الجمهورية التونسية في هذه ‏المرحلة، لتجاوز الصعوبات والوصول بالاقتصاد التونسي إلى بر ‏الأمان، من خلال إقرار سياسات إصلاحية تحفز الاقتصاد في تونس ‏وتساعده على احتواء الضغوط الاقتصادية‎.‎

وقال إ، ليبيا شريك اقتصادي قوي لتونس تاريخياً، وفي هذا الإطار ‏نؤكد أن العمل جار على قدم وساق لزيادة حجم التبادلات التجارية ‏التي تقوم على تبادل الصادرات والواردات بين ليبيا وتونس، والتي ‏تساهم في حل جزء من التحديات الاقتصادية وتنويع الاقتصاد ‏للدولتين، والهدف المنشود تمهيد الطريق لإيجاد بيئة استثمارية ‏للوصول إلى تحقيق التكامل الاقتصادي من أجل تنشيط وتشجيع ‏مقومات السياحة البينية بما يعزز قيم الشراكة ويسمح للبلدين ‏بأداء دور اقتصادي مهم يسهل إزالة الحواجز أمام التبادلات ‏التجارية وحرية انتقال عناصر الإنتاج بين الدولتين.‏

‏—— ‏
ليبيا برس ‏