تقرير بريطاني ينتقد إطلاق سراح “البيدجا”.. ويؤكد: ليبيا ابتُليت بالفساد والاضطراب منذ إطاحة الناتو بالنظام السابق

سلط تقرير بريطاني الضوء على عبد الرحمن ميلاد، المعروف باسم “البيدجا”، الذي أُطلق سراحه أول أمس الأحد، بعد احتجازه لمدة 5 أشهر، ووصفه بأنه أحد أكثر مهربي البشر المطلوبين في العالم، والذي فرض عليه مجلس الأمن الدولي عقوبات لتورطه المباشر في غرق قوارب المهاجرين.

وذكر تقرير لموقع “الجارديان” البريطاني، أن “البيدجا”، جزء من شبكة إجرامية تعمل في مدينة الزاوية، مشيرًا إلى أنه كان قد اعتقل في أكتوبر الماضي، وأُطلق سراحه بعد أن أسقط المدعي العام العسكري في طرابلس التهم الموجهة إليه “لعدم كفاية الأدلة”.

وبين أن أنباء الإفراج عن “البيدجا”، تعرضت لانتقادات في إيطاليا، حيث تم توفير حماية شرطية لاثنين من الصحفيين الذين أبلغوا عن الأنشطة الإجرامية المنسوبة له بسبب التهديدات بالقتل التي تلقوها.

وأشار إلى أن ليبيا ابتُليت بالفساد والاضطراب منذ إطاحة الناتو بالنظام السابق واغتيال العقيد معمر القذافي في عام 2011م، لافتًا إلى أنه منذ ذلك الحين، برزت ليبيا الغنية بالنفط كمعبر رئيسي للأشخاص من إفريقيا والشرق الأوسط الفارين من الحروب والفقر بأمل في الوصول إلى أوروبا عن طريق عبور البحر الأبيض المتوسط.

وأفاد أنه في يونيو 2018م، فرض مجلس الأمن عقوبات على “البيدجا” وخمسة آخرين من زعماء الشبكات الإجرامية المزعومين المتورطين في تهريب المهاجرين وغيرهم من ليبيا.

وأضاف أنه في عام 2019م، وثق تحقيق أجرته صحيفة “أفينيير” الإيطالية وجود “البيدجا” في إيطاليا في سلسلة من الاجتماعات الرسمية في صقلية وروما في مايو 2017م، ما أثار انتقادات لوزير الداخلية آنذاك، ماركو مينيتي.

وبحسب التقرير، وقع وزير الداخلية الإيطالي الأسبق ماركو مينيتي، قبل ثلاثة أشهر، مذكرة مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المنتهية ولايتها فايز السراج، للتعاون مع خفر السواحل الليبي، والتي تضمنت توفير أربع سفن دورية، منوها بأن الاتفاق مكّن خفر السواحل الليبي من اعتراض قوارب المهاجرين في البحر وإعادة توجيههم إلى ليبيا، حيث تقول وكالات الإغاثة إن اللاجئين يتعرضون لسوء المعاملة والتعذيب.

وذكرت “أفينيير” أن “البيدجا”، الذي زعمت الأمم المتحدة سابقًا أنه متورط بشكل مباشر في غرق قوارب المهاجرين باستخدام الأسلحة النارية، تم تقديمه في الاجتماعات على أنه “قائد خفر السواحل الليبي”، فيما نفى مينيتي، ارتكاب أي مخالفات، قائلاً إن إيطاليا لم تكن على علم بمزاعم النشاط الإجرامي ضد “البيدجا” في ذلك الوقت.

وذكر أن الصحفيين الإيطاليين نيلو سكافو، الذي وثق لأول مرة وجود “البيدجا” في إيطاليا لصالح أففينير، ونانسي بورسيا، الذي كتب لأول مرة عن أنشطته الإجرامية المشتبه بها في عام 2016م، تم منحهما حماية الشرطة قبل عامين بعد تلقيهما تهديدات.

ونقل عن سكافو، قوله: “من السخف أن تستمر إيطاليا في تقديم الأموال لخفر السواحل الليبي، بعد أن أفرجت عن مهرب هدد مواطنين إيطاليين، ومن العبث أكثر أن إطلاق سراحه تم بعد أيام قليلة من زيارة رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراجي، إلى طرابلس”.

وأشار إلى أنه في الأسبوع الماضي، ظهر أن المدعين الإيطاليين الذين يحققون في المنظمات غير الحكومية والجمعيات الخيرية المعنية بالإنقاذ البحري بتهمة التواطؤ المزعوم في تهريب البشر، قاموا بالتنصت على المكالمات الهاتفية التي أجراها بورسيا ونيلو مع مصادرهم.

ونقل عن بورسيا، الذي تلقت أسرته تهديدات بالقتل، قوله إن إطلاق سراحه قد يكون خطوة سياسية قبل الانتخابات في ليبيا، مضيفا: “لا يزال ينظر إلى البيدجا، على أنه بطل قومي من قبل جزء من الشعب الليبي”.

وأشار إلى أنه اعتقل من قبل وزير الداخلية السابق، فيما تم تعيين حكومة مؤقتة جديدة، مضيفا “من الواضح أن إطلاق سراحه من السجن يتم في لحظة اضطراب سياسي في بلد يستعد للانتخابات”.

وتابع بأنه في مارس الماضي، بينما كان البجا رهن الاحتجاز، قامت حكومة الوفاق بترقيته وآخرين لمشاركتهم في القتال لصد هجوم على العاصمة من قبل قوات شرق ليبيا، بحسب وكالة أسوشيتيد برس.

وأضاف أن”البيدجا” هاجم الصحافة الليبية والدولية في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أمس الثلاثاء، قائلا: “عندما تم اعتقالي في أكتوبر الماضي، كتبت الصحافة أخبارًا كاذبة عني، أعلم أن الاعتقال صدر عن بعض السياسيين الذين نسوا أن عبد الرحمن ميلاد حماية سواحل وطننا لسنوات”.

وذكر أن كثيرين في الزاوية احتفلوا بالإفراج عن “البيدجا”، حيث تم نشر صور تظهر احتضانه من قبل حشد من الرجال المبتسمين على شبكات التواصل الاجتماعي، منوها بأن المسؤولين في ليبيا لم يقدموا مزيدًا من التفاصيل حول الإفراج عنه، فيما رفضت وزارة الداخلية التعليق، بحسب التقرير.