موقع ” war on the rocks” الأمريكي: الشخصيات الفاعلة استهدفت تخريب الانتخابات عندما أعلن سيف الإسلام القذافي ترشحه للرئاسة

سلط موقع “warontherocks” الأمريكي الضوء على المشهد في ليبيا، في ظل فشل انتخابات 24 ديسمبر، مشيرا إلى أن أمل الليبين في إجراء انتخابات عامة أصبح يتلاشى، ولم تعد العملية الانتخابية المتعثرة تظهر كموضوع للمحادثات حتى في المقاهي، وأن عددا من الشخصيات الفاعلة استهدفوا تخريب الانتخابات، خاصة عندما أعلن سيف الإسلام القذافي، نيته الترشح للرئاسة.

ولفت، في تقرير به، إلى أن معظم الليبيين أدركوا في وقت مبكر، قبل ثلاثة أو أربعة أسابيع من الموعد الذي تم الترويج له على نطاق واسع، وروجت له الأمم المتحدة في 24 ديسمبر 2021، أن المفوضية العليا للانتخابات باتت عالقة، على الرغم من توزيع بطاقات الناخبين، وإقامة مراكز الاقتراع في كل بلدية، وإنفاق عشرات الملايين على قواعد البيانات واللوجستيات.

وتطرق إلى العقبات التي عطلت الانتخابات، حيث كان أهمها، بحسب التقرير، قوانين الانتخابات التي وضعتها مجموعة صغيرة من النواب، بقيادة رئيس البرلمان عقيلة صالح، وصدرت دون تصويت مناسب.

ورأى أن عقيلة صالح ليس هو السياسي الوحيد المؤثر في ليبيا الذي ساهم في فشل الانتخابات من خلال التصرف بشكل مخادع، وأن الجميع تقريبًا فعلوا ذلك، إلا أن حافزهم لتخريب العملية الانتخابية بشكل أكبر كان في نوفمبر، عندما كشف سيف الإسلام القذافي، عن نيته الترشح للرئاسة، مما جعل الوضع غير قابل للتنبؤ به بالنسبة للمرشحين الآخرين.

وألمح إلى أنه في غياب الانتخابات، ستشكل الآليات الأقل شرعية، وربما الاشتباكات المسلحة، المشهد القادم في ليبيا، التي قد تقع فريسة لمكائد أقلية صغيرة من النخبة الليبية سعيًا للحصول على المزيد من السلطة أو الثراء أو الإفلات من العقاب.

وبين أن خطوط الصدع في السياسة الليبية تغيرت منذ أن استحوذت الدولة الثرية والمحاصرة على اهتمام الصحافة الدولية، في عامي 2019 و2020، إبان هجوم خليفة حفتر على طرابلس، متابعًا بأنه في المنعطف الدقيق الذي تعيشه ليبيا حاليا، فإن رئيس حكومة الوحدة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، هو الشخصية السياسية الأكثر استقطابًا في البلاد.

ونوه بتعيين مجلس النواب فتحي باشاغا، رئيسًا لحكومة جديدة في 10 فبراير، من نفس مسقط رأس الدبيبة، مصراتة، مشيرا إلى أن طرابلس، والعديد من المدن ومصراتة نفسها، مقسمة حاليًا بسبب مسألة ما إذا كان يجب أن يجلس الدبيبة أو باشاغا في مكتب رئيس الوزراء.

ورأى أن جزءا من خطة طرد الدبيبة واستبداله، تحالف باشاغا مع سلسلة من الأعداء السابقين، حيث يعتمد على الدعم السياسي النشط من عقيلة صالح، ومؤخراً، احتضن حفتر وتحالفه المسلح، كما أقام أيضًا تحالفًا مع تحالف فضفاض من الجماعات المسلحة موطنه طرابلس والمناطق المحيطة بها، أطلق عليه اسم جهاز دعم الاستقرار، بحسب التقرير.

وبالإضافة إلى مشاركتهم في العداء تجاه الدبيبة، وفقا للتقرير، انجذب باشاغا إلى اتفاق مع جهاز الأمن الخاص، الذي يمارس سيطرته على الأراضي الاستراتيجية في العاصمة وحولها ومعظم مدينة الزاوية، وغيرها.

وقال إن هذه “البصمة الجغرافية”، جنبًا إلى جنب مع العديد من الولاءات داخل الوزارات والهيئات الرسمية، تجعل جهاز دعم الاستقرار العامل الفاصل الذي قد يساعد في تنصيب باشاغا في منصبه هذا العام.

ولفت إلى أن الحلفاء الجدد، صالح وحفتر، انتزعوا وعودًا والتزامات من باشاغا ستحد حتماً من قدرته على تعزيز الشفافية والمساءلة وسيادة القانون، فيما يتشبث الدبيبة غير المنتخب بمنصبه، والذي بدأت ولايته في عملية للأمم المتحدة في مارس 2021 على أساس أنها ستنتهي في نهاية العام نفسه.

وبعد أن رفض بتحدٍ تصويت مجلس النواب الأخير، يراهن الدبيبة، بحسب التقرير، على إحجام الأمم المتحدة المحتمل عن منح الاعتراف لرئيس وزراء آخر دون إجراء انتخابات تشريعية.

وتطرق إلى الذين ساعدوا الدبيبة في إحكام قبضته على السلطة شهرًا بعد شهر، مشيرا إلى اثنين قال إنهما برزا بشكل صارخ، هما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، اللذين تعود علاقة الدبيبة الشخصية بهما إلى منتصف العقد الأول من القرن الـ21.

وعن دور أردوغان، أوضح التقرير أنه يوفر الحماية العسكرية في نطاق مذكرة الدفاع لعام 2019 بين أنقرة وحكومة الوفاق المنتهية ولايتها، بينما يضمن الصديق الكبير الوصول التقديري إلى الخزانة الليبية واحتياطيات النقد الأجنبي.

وذكر أن الدبيبة على الأرض، يتمتع حاليًا بدعم مجموعة من الوحدات المسلحة، من بعض أكبر الكتائب وأكثرها تنظيماً من مصراتة، والكتائب المدعومة من تركيا من ضواحي طرابلس، والتي تقف على أهبة الاستعداد للدفاع عنه ضد أي محاولة للإطاحة به، بحسب التقرير.

واعتبر أن الخريطة الحالية للعداءات الليبية ليست جديدة تمامًا، إذ لا يزال حفتر وأبناؤه، الذين يسيطرون على الشرق، عازمين على ممارسة نفوذ أكبر على سياسات طرابلس والمؤسسات الأمنية وخزائن الدولة، ولتحقيق هذه الغاية، يسعون إلى الإطاحة، أو على الأقل إضعاف، أيًا من يكون رئيس الوزراء في طرابلس.

وبشأن تغير مواقف باشاغا، قال إنه في فبراير 2021، بعد مشادة عنيفة بين باشاغا وجهاز دعم الاستقرار، أعربت الولايات المتحدة عن دعمها لوزير الداخلية آنذاك ووصفت قوات الأمن الخاصة بـ”الميليشيات المارقة”، وبعد مرور عام، في تغير واضح تمامًا لموقف باشاغا كانت قوات الأمن الخاصة هي القوة الرئيسية التي توفر له الأمن عندما هبط في مطار طرابلس لإعطاء أول إشارة كرئيس وزراء معين.

ورأى أنه نتيجة لهذا التحالف الجديد، لم يعد باشاغا يتحدث عن نزع سلاح أو تفكيك أي مجموعات مسلحة كبيرة كما كان يفعل، وبدلاً من ذلك، يعرض الآن بشكل غامض دمج “جميع الكتائب” في الوزارات الرسمية، الأمر الذي ينذر بتغييرات تجميلية فقط بدلاً من أي إصلاح حقيقي لقطاع الأمن، بحسب التقرير.

الشيء نفسه يمكن قوله عن حفتر، بحسب التقرير، والذي أفاد بأن باشاغا وعده بمنصب القائد الأعلى لجميع القوات المسلحة الليبية، مشيرا إلى أنه، قبل أقل من عامين، اتهم باشاغا حفتر بالاستفادة من تنامي التجارة غير المشروعة في الكبتاغون (الأمفيتامين)، النابع من بلاد الشام ويتدفق عبر شرق ليبيا، وكذلك الكميات الكبيرة من الحشيش التي تعبر الأراضي التي يسيطر عليها حفتر، وقد تفيد تحالفه مالياً.

وبسبب التحالف السياسي الأخير، لا يمكن توقع أن تلاحق حكومة باشاغا الشبكات الإجرامية الأكبر التي تعمل على أرض حفتر، بحسب التقرير، مضيفا “باختصار، سواء في الشرق أو الغرب، فإن رئيس الوزراء القوي باشاغا، القادر على قيادة إنفاذ القانون وإصلاح قطاع الأمن، هو احتمال مشكوك فيه، ومن الصعب مواجهة هذه الحقيقة لأن سمعة باشاغا في واشنطن والعواصم الغربية الأخرى هي سمعة زعيم ملتزم بالدفاع عن تلك المبادئ بالذات”.

ورأى أن باشاغا والدبيبة يتبعان فلسفة تهيمن على معاملاتهما، فكلاهما يعتمد بشدة على الجماعات المسلحة للمضي قدما في أجندتهما، وأظهر كلاهما ازدراءً لخارطة طريق الأمم المتحدة التي يدعيان أنهما يهتمان بها، وكلاهما متمسك بشدة بمنصب رئيس الوزراء، ويعتقدان أنه بإمكانهما تأمينه بدون انتخابات تشريعية، كما أن كليهما له صلات وثيقة بالحكومة التركية.

وبالنسبة للخلافات بين الشخصيتين، أشار إلى أن باشاغا طيار سابق في سلاح الجو، وحارب في عام 2011 نظام القذافي، وعمل كحلقة وصل بين قوات المتمردين في مصراتة وحلف شمال الأطلسي، وحافظ على الولاء الراسخ لبعض الجماعات الثورية المسلحة والشخصيات المؤثرة في مدينته الأم وكذلك في المجتمعات الأخرى في طرابلس.

وفي المقابل، يقول التقرير، إن الدبيبة ليس بأي حال من الأحوال قائداً ذا توجهات أمنية، إذ قبل أن يصبح رئيسًا للوزراء، كانت عائلته معروفة أساسًا بالمليارات التي كان يُشتبه في تحويلها خلال عقود من إدارة مشاريع بناء في عهد القذافي قبل أن ينقلب عليه في عام 2011.

وأضاف أن الدبيبة، كرس معظم فترة ولايته لتأكيد الشخصية الاقتصادية، وصور نفسه أولاً وقبل كل شيء على أنه رجل أعمال مرتبط بالسلام، وكانت شخصيته العامة “الديماغوجية” شخصية براجماتية لا معنى لها ومستعد دائمًا لإنفاق المزيد من الأموال العامة من أجل رفاهية الليبيين، ما وجد صدى لدى نسبة كبيرة من المواطنين، مستدركا “لكن هذا النهج يتطلب إسرافًا في الإنفاق، وهو أمر محفوف بمخاطر تضخمية”.

وبين أن الدبيبة عمل فقط لتعزيز شعبيته، وربما تكون قد بلغت ذروتها بالفعل، حيث تتآكل القوة الشرائية للأسر الليبية، مستدركا بأن النفط في ليبيا إذا استمر في الضخ وظلت أسواقه نشطة، فقد تثبت سياسات إنفاق الدبيبة أنها قابلة للتطبيق لمدة عام آخر.

التقرير لم يرجح أن يعمل باشاغا على هذا النحو بسلاسة مع محافظ المصرف المركزي، موضحا أن الرجلين لا يتفقان، ومنوها بأن بعض أنصار باشاغا ألمحوا بالفعل إلى نيتهم في إقالة الكبير، الذي لا يمكن استبداله دون نزاع طويل وفوضوي، بحسب التقرير.

ولم يستبعد أن تنتكس ليبيا إلى حرب أهلية، معتبرا أن الهدوء الذي حدث في العام ونصف العام الماضي لا يرجع إلى المصالحة بين الليبيين بقدر ما يرجع إلى الوفاق “التجريبي” بين تركيا وروسيا، مشيرا إلى أن الدبيبة أطلق إحياءً للإنفاق الرأسمالي في عام 2021، لكنه حتى الآن أكسب أنقرة عقودًا مربحة في البناء والأسلحة والطاقة أكثر من موسكو.

وأكد أن تركيا لديها كل النية للبقاء في طرابلس، إلا أنها ليس لديها شهية للحرب هناك، طالما أنها تستطيع الحفاظ على ترسخها المادي في شمال غرب ليبيا، لمواصلة استخلاص المزايا الجيواستراتيجية والمكافآت الاقتصادية، فيما أنقرة مستعدة لرؤية شبه هيمنتها على طرابلس تتراجع قليلاً.

ورأى أن الأتراك إذا تمكنوا من تحقيق توازن قابل للتطبيق، فيمكن إجراء تعديلات طفيفة نحو استيعاب القاهرة وداعمي حفتر الآخرين بشكل أفضل، لكن بينما تحرص تركيا على التطبيع، لا يعتبر كل الليبيين الغربيين الوجود التركي مقبولًا.

وبين أن بعض التشكيلات التابعة لجهاز دعم الاستقرار كانوا جزءًا من مجموعة أوسع من الميليشيات التي تلقت المعدات والخبرة والمساعدة من تركيا عندما جاءت لأول مرة لإنقاذ حكومة الوفاق.

وبصرف النظر عن ذلك التاريخ الحديث، يعارض قادة دعم الاستقرار، بحسب التقرير، النظام المدعوم من تركيا والذي ساد في شمال غرب ليبيا منذ طرد كتائب حفتر الرئيسية من المحافظة، ومنذ تلك اللحظة فصاعدًا، عادت إلى السطح المنافسات طويلة الأمد، للوصول إلى الأموال العامة عن طريق الإحسان الضمني للبنك المركزي، والأهم من ذلك، السيطرة على الأنشطة غير المشروعة، والتي تشمل أكثر الأعمال تعقيدًا في الاقتصاد الليبي غير القانوني مثل المخدرات والوقود والمهاجرين، فضلاً عن عقود الخدمة المتضخمة التي تم الحصول عليها من مؤسسات الدولة.

ولفت إلى أنهم منذ وصولهم في عام 2019، شكل الأتراك المكونات الرئيسية لقطاع الأمن في شمال غرب ليبيا، وبذلك ساعدوا في رفع ليس فقط المهنيين ولكن أيضًا رجال الميليشيات المثيرين للجدل.

ونقل عن أحد سكان طرابلس ممن قاتلوا إلى جانب حفتر كمتطوع في عام 2019، قوله “إذا غادر الأتراك غدًا، لأي سبب من الأسباب، فإن قلة من الليبيين في فترة الصعود تحت حكم الدبيبة سيكونون بالتأكيد في ورطة سيئة”.

وأوضح أن الأفراد الذين يلمح إليهم هم من الإسلاميين السياسيين الذين كانت مكانتهم لتتقلص فقط لولا وجود مستشاري تركيا وجواسيسها، فيما يوضح مسار رحلة محمود بن رجب، الذي تم نقله مؤخرًا بسرعة إلى ضابط رفيع المستوى في وزارة الدفاع، آثار التدخل التركي، بحسب التقرير.

ونوه بأن بن رجب كان ينتمي إلى المجموعة المتشددة التي تم حلها الآن والتي تسمى غرفة عمليات الثوار الليبيين، والتي شاركت في أنشطة خلافية، مثل اختطاف رئيس الوزراء آنذاك علي زيدان عام 2013، ولاحقًا، في 2015-2017، وأثناء نزاع قبلي داخلي في مسقط رأسه الزاوية، انحاز بن رجب مرة أخرى.

وأشار إلى أن صعوده الصاروخي منذ عام 2019 بفضل ارتباطه الوثيق بتركيا جعل بعض السكان المحليين ينظرون إلى الأخيرة على أنها حزبية ومزعجة، ومن ناحية أخرى، ترى إدارة الأمن الاجتماعي بن رجب وآخرين مثله خصومهم المدعومين من تركيا في سياق أزمة الزاوية المستمرة والبلديات المتصدعة الأخرى.

وتابع بأن الجماعات المسلحة الأخرى داخل دعم الاستقرار، مثل التي يقودها عبد الغني الككلي في أبو سليم، تعتبر ببساطة الوضع الراهن المدعوم من تركيا تهديدًا وجوديًا لها، ووفقًا لذلك، تستخدم دعم الاستقرار بشكل متكرر كلمة “الوطن” في خطابها العام، وهي إشارة قومية إلى التدخل التركي.

ولفت إلى مقابلة نادرة قبل أيام من فشل انتخابات ديسمبر، حيث وصف حسن بوزريبا، أحد كبار قادة قوات الأمن الخاصة، اللحظة في 5 أبريل 2019، عندما تراجع عن تحالف كانت عشيرته قد أبرمته سابقًا مع حفتر، ولم يتم تقديم الحكاية بالصدفة من قبل زعيم جماعة الزاوية المسلحة.

ورأى أن نفس الشخصيات ترغب في لعب دور صانعي الملوك مرة أخرى، لكن إلقاء ثقلهم في الاتجاه المعاكس هذه المرة، حيث قال علي، شقيق حسن، والنائب في البرلمان: “نتحدث مع صدام حفتر على أساس يومي”، في إشارة إلى التنسيق الوثيق بين قوات الأمن الخاصة وابن حفتر الأكثر نشاطًا.

وقال علي، بحسب التقرير “لا يسعنا السماح للدبيبة بالبقاء كرئيس للوزراء، حتى ثلاثة أو أربعة أشهر أخرى ستكون غير واردة، يجب أن يكون العالم كله على دراية بالمسلحين الخطرين المختبئين في القواعد التي تسيطر عليها تركيا، مثل الواطية وسيدي بلال” في إشارة إلى آلاف المرتزقة السوريين المتمركزين في تكتم في ستة مخيمات عبر طرابلس.

وبين أن جهاز دعم الاستقرار يتم تمويله بشكل كبير لدرجة أنه ذهب إلى حد إنشاء قوة بحرية خاصة به، بالإضافة إلى التأثير في خفر السواحل الليبي، وعلى الأرض، حيث كان مشغولا بشراء أسلحة إضافية، يمكنها إبراز قوته في العاصمة وحولها.

وأضاف: “على الرغم من كل نقاط القوة هذه، فإن قوات الأمن الخاصة، التي يمكن رؤية شعارها منتشرًا في أجزاء من وسط مدينة طرابلس وفي عدة مناطق أخرى في غرب ليبيا، لا تملك القدرة على إخراج الدبيبة من منصبه ما لم تكن كتائب مصراتة الكبرى والجماعات المسلحة الأخرى في الوقت الحالي قد حشدوا في طرابلس لإعطاء موافقتهم.

وأشار التقرير، إلى أنه في حين أن المهمة العسكرية لتركيا كانت علنية إلى حد كبير، فإن الكرملين ينفي دائمًا اللجوء إلى القوة في ليبيا، مستدركا بأن هذا الخطاب لا ينبغي أن يخدع أحدا، مضيفا “فالدولة الروسية تدعم المهمة الروسية السرية الواسعة النطاق في ليبيا”.

ورأى أن حفتر وأبناءه، بغض النظر عن ممارساتهم المفترسة، والاستبداد القاسي، والاعتماد الذي لا ينفصم على موسكو، يقودون الهيكل الأمني الوحيد القابل للتطبيق في تلك المناطق الشاسعة، وهذا يساعد في تفسير سبب عدم تعرض حفتر وأبنائه لأي إدانة من قبل المجتمع الدولي، ويفسر أيضًا سبب تحالف الجهات المناهضة للدبيبة في غرب ليبيا مؤخرًا مع حفتر كوسيلة لتعزيز نفوذهم، بحسب التقرير.

وبين أنه بعد أن دخل باشاغا في شراكة مع حفتر، فإن مجال المناورة الخاص به سوف يتقلص بشدة عندما يتعلق الأمر بمواجهة أو حتى مناقشة التدخل الروسي في ليبيا.

وأشار إلى أن الدبيبة كان قد طلب من وزارة المالية في الصيف الماضي، اتخاذ إجراء يجعل من المستحيل على أفراد الجيش الوطني الليبي الحصول على راتب ما لم يقدموا رقم ضمان اجتماعي صالحًا، وهي طريقة لمنع الأموال الليبية من الوصول إلى الروس والسوريين والسودانيين، من جانب حفتر.

وقال إن هذا الاختلاف في الموقف بين الدبيبة وباشاغا تجاه روسيا سيزداد عمقًا مع الإدانة الدولية الأخيرة لموسكو بسبب سياستها تجاه أوكرانيا.

واعتبر أن هذا لا يعني أن التحالف المناهض للدبيبة هذا العام كان مبادرة روسية، وكان رعاتها مصر وفرنسا، حيث لعبت روسيا دورًا داعمًا، وأبو ظبي، التي على الرغم من أنها أكثر وعيًا بتفضيلات تركيا، لا تزال تتمتع بعلاقة عضوية قوية مع كل من حفتر في بنغازي وقائد ميليشيا طرابلس المدجج بالسلاح باسم هيثم تاجوري، الذي عمل عن كثب مع دعم الاستقرار منذ عودته في أواخر عام 2020، من دبي.

وأشار إلى أن أحد الأسباب الكامنة وراء الشكوك المستمرة بشأن باشاغا هو حقيقة أن التزاماته تجاه حفتر وصالح وسلطة جنوب الصحراء لم تترك له مجالاً يُذكر لإعطاء تأكيدات قوية لخصومهم من ثوار شمال غرب ليبيا وراعيتهم التركية.

وأشار إلى وجود تخوفات في العاصمة من أن جهود التفاوض التي يبذلها باشاغا قد تمنح دون علم الجيش الوطني الليبي فرصة لإرسال قوات إلى طرابلس.

وعن الموقف الأمريكي، قال إن واشنطن أظهرت نوعا من التراخي في سبتمبر الماضي، عندما اختارت السلبية المهذبة في مواجهة القوانين الانتخابية المعيبة التي فرضها صالح بدعم مصري وفرنسي وروسي، مؤكدا أن لفتة دبلوماسية أمريكية صغيرة في ذلك الشهر الحاسم كان من الممكن أن تحدث فارقًا، وربما تنقذ انتخابات ديسمبر.

وبعد مرور خمسة أشهر، أصبح التفاؤل في غير محله، بحسب التقرير، وسواء تلاشى رهان باشاغا أم لا، فإن الديناميكيات الضارة التي أدى إلى تفاقمها لا يمكن تخفيفها بسهولة.

ونوه بأن الدعم الذي يتلقاه باشاغا في هذا المنعطف ظاهري، مما يعني أن معظم القوى المناهضة للدبيبة في اللعب تفلت من سيطرته، موضحا أنه حتى قبل تعيين باشاغا في 10 فبراير، ظهر منطق خطير للإكراه والأمر الواقع والتهديد في طرابلس.

وأشار إلى أنه في 21 ديسمبر، على سبيل المثال، قامت الجماعات المسلحة الموالية للدبيبة بإغلاق مشروع الهضبة وأجزاء أخرى من حي أبو سليم باستخدام حواجز رملية ومركبات عسكرية في محاولة لاستباق التوسع الإقليمي من قبل قوات الأمن الخاصة، وأن هذه التوترات تتزايد منذ ذلك الحين.

ورأى أنه بعد أن أضاعت فرصة الانتخابات في أواخر عام 2021، ينبغي على واشنطن مساعدة الشعب الليبي من خلال زيادة الضغط على النخب لاعتماد أساس سليم حتى يمكن إجراء الانتخابات التشريعية هذا العام.

وشدد على أنه في غياب اليد الحازمة من واشنطن، ستميل الفصائل الليبية أكثر فأكثر إلى الارتجال في المساعي القسرية، مثل التوغلات العنيفة، وحظر النفط، والتراجع المتعمد عن إعادة التوحيد المصرفي التي تشتد الحاجة إليها، أما بالنسبة للوفاق التركي الروسي في ليبيا، فإن مرونته محدودة، ولا ينبغي للدبلوماسيين الغربيين أن يأخذوا ذلك كأمر مسلم به.