البعثة الأممية لتقصي الحقائق في ليبيا: جميع أطراف النزاع ارتكبوا ‏جرائم حرب في ليبيا

أعلنت البعثة الأممية لتقصي الحقائق في ليبيا، أن لديها أسبابا ‏معقولة للاعتقاد بارتكاب جرائم الحرب في ليبيا، بالأخص عمليات ‏العنف المرتكبة في السجون وضد المهاجرين، والتي ترقى إلى مرتبة ‏الجرائم ضد الإنسانية.‏

وقال رئيس بعثة تقصي الحقائق، محمد أوجار: “أثبتت تحقيقاتنا ‏أن جميع أطراف النزاعات، بما في ذلك الدول الأخرى والمقاتلون ‏الأجانب والمرتزقة، انتهكوا القانون الإنساني الدولي، ولا سيما ‏مبادئ التناسب والتمييز، وبعضهم ارتكب أيضًا جرائم حرب”. ‏

ولفتت البعثة في تقريرها إلى أنها تحصلت على مئات الوثائق ‏وراجعتها، وأجرت مقابلات مع أكثر من 150 شخصًا، علاوة على ‏تحقيقات متفحصة في ليبيا وتونس وإيطاليا.‏

وركزت البعثة في عملها على سلوك أطراف النزاعات المسلحة التي ‏اندلعت في جميع أنحاء ليبيا منذ عام 2016، مشيرة إلى أن أعمال ‏العنف كان لها تأثير كبير على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ‏والثقافية لليبيين، كما هوجمت أيضا عدد كبير من المستشفيات ‏والمدارس.‏

ورصد التقرير أن المدنيين في طرابلس دفعوا ثمنا باهظا خلال ‏الأعمال القتالية في الفترة من 2019 إلى 2020، بتعرضهم ‏لمواجهات مسلحة قوية، حيث تسببت الغارات الجوية في مقتل ‏العشرات من العائلات، وأدت لتدمير المرافق الصحية على الوصول ‏إلى الرعاية الصحية، كما أدت الألغام المضادة للأفراد التي خلفها ‏المرتزقة في المناطق السكنية إلى مقتل وتشويه المدنيين.‏

وذكرت بعثة تقصي الحقائق أنها اكتشفت أيضا وقوع عدد من ‏الانتهاكات في سياق الحرمان من الحرية، علاوة على المشاكل ‏الكبيرة التي يتعرض لها النازحين داخليا والأوضاع المتردية التي يعاني ‏منها المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء.‏

ونقل التقرير عن عضو بعثة تقصي الحقائق، تشالوكا بياني، قولها: ‏‏”يتعرض المهاجرون وطالبو اللجوء واللاجئون لسلسلة من ‏الانتهاكات في البحر وفي مراكز الاحتجاز وعلى أيدي المتجارين ‏بالبشر”. ‏

وتابعت بقولها “تشير تحقيقاتنا إلى أن الانتهاكات ضد المهاجرين ‏تُرتكب على نطاق واسع من قبل جهات حكومية وغير حكومية، ‏بمستوى عالٍ من التنظيم وبتشجيع من الدولة – وكلها توحي ‏بارتكاب جرائم ضد الإنسانية‎”.‎

ووجدت بعثة تقصي الحقائق أدلة على أنماط مقلقة من العنف ‏المرتكب في السجون الليبية، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل ‏يومي ومنع عائلاتهم من الزيارة‎.‎

وقالت تريسي روبنسون، عضوة البعثة: “الاعتقال التعسفي في ‏السجون السرية وظروف الاعتقال التي لا تطاق تستخدم على نطاق ‏واسع من قبل الدولة والميليشيات ضد أي شخص يُعتقد أنه يمثل ‏تهديدًا لمصالحهم أو آرائهم”. ‏

وأردفت بقولها “يُرتكب العنف في السجون الليبية على هذا النطاق ‏وبهذا المستوى من التنظيم الذي قد يرقى أيضًا إلى جرائم ضد ‏الإنسانية‎”.‎

وتطرق التقرير إلى أن انعدام الأمن المزمن في ليبيا أدى إلى النزوح ‏الداخلي لمئات الآلاف من الأشخاص، الذين انتهى بهم الأمر في ‏مناطق غير مجهزة لاستيعاب التحركات السكانية الكبيرة. ‏

ورصد التقرير تهجير بعض الجماعات العرقية، مثل التاورغاء ‏والتبوس، منذ عام 2011 وما زالت تواجه انتهاكات جسيمة، وتشير ‏الأدلة إلى أن ليبيا أخفقت في اتخاذ إجراءات لضمان سلامة ‏النازحين داخلياً وعودتهم إلى موطنهم الأصلي، في انتهاك لالتزاماتها ‏بموجب القانون الدولي‎.‎

ويوثق تقرير بعثة تقصي الحقائق أيضًا تجنيد الأطفال ومشاركتهم ‏المباشرة في الأعمال العدائية، والاختفاء القسري والقتل خارج نطاق ‏القضاء لنساء بارزات، واستمرار العنف الجنسي وغيره من أشكال ‏العنف ضد الفئات الضعيفة، كما أولت البعثة اهتمامًا خاصًا ‏لمزاعم ارتكاب جرائم فظيعة في ترهونة بين عامي 2016 و 2020‏‎.‎

وأكد التقرير أنه مع تنصيب حكومة الوحدة الوطنية مؤخرا ، ‏دخلت ليبيا مرحلة الحوار الوطني وتوحيد مؤسسات الدولة، لافتة ‏إلى أن السلطات القضائية الليبية تحقق حاليا في معظم الحالات ‏الموثقة في تقرير بعثة تقصي الحقائق، ومع ذلك، فإن عملية ‏محاسبة مرتكبي الانتهاكات والتجاوزات تواجه تحديات كبيرة‎.‎

وحددت بعثة تقصي الحقائق الأفراد والجماعات كل من الليبيين ‏والأجانب، الذين قد يتحملون المسؤولية عن الانتهاكات ‏والتجاوزات والجرائم المرتكبة في ليبيا منذ عام 2016 وستظل هذه ‏القائمة السرية كذلك، حتى تنشأ الحاجة لنشرها أو مشاركتها، مع ‏آليات المساءلة الأخرى‎.‎

وعاد أوجار للحديث بقوله “بينما يسعى الليبيون جاهدين لتأمين ‏السلام، فإن ضمان المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق ‏الإنسان والجرائم الدولية المرتكبة في البلاد ضروري أكثر من أي ‏وقت مضى لردع المزيد من الانتهاكات وتعزيز السلام والمصالحة ‏على المدى الطويل”. ‏

وحث رئيس بعثة تقصي الحقائق السلطات الليبية على تكثيف ‏جهودها لمحاسبة المسؤولين، منوها إلى أنه من الضروري أيضًا أن ‏يواصل المجتمع الدولي تقديم الدعم للسلطات القضائية الليبية‎ ‎‏.‏

وأوصى التقرير بتممديد مجلس حقوق الإنسان ولاية البعثة لمدة ‏عام إضافي، لإكمال التحقيق الشامل في مجال حقوق الإنسان، ‏ليكون أداة فعالة لتعزيز المساءلة والسلام والأمن على المدى ‏الطويل.‏

‏—– ‏
ليبيا برس