الفيتوري: من المرجح أن تشارك حكومة الدبيبة بمؤتمر برلين-2 ولا يشارك حفتر الذي لا يشغل أي منصب رسمي
أكد الكاتب والباحث الأكاديمي، مصطفى الفيتوري، أن مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في مؤتمر “برلين 2” يمكن أن يوفر، بضع الأمل في إجراء الانتخابات في موعدها المحدد مسبقا 24 ديسمبر المقبل.
وأوضح الفيتوري في مقال له بموقع “ميدل إيست مونيتور” أنه يبدو أن إدارة بايدن تركز أكثر على ليبيا مقارنة بسابقتها، وربما يكون بايدن قد ذكر ليبيا ثلاث مرات عندما كان يقصد فعلاً قول سوريا، لكن هذا لا يعني أن ليبيا ليست على جدول أعماله.
ولفت إلى أن بايدن عيّن بالفعل مبعوثًا خاصًا زار طرابلس الشهر الماضي، للتعبير عن دعم واشنطن للانتخابات، وإبعاد جميع المقاتلين الأجانب.
وأشار إلى أنه من المتوقع أن يتم تمثيل كل من واشنطن وموسكو في مؤتمر برلين الثاني، موضحًا أنه المنتظر إلى أي مدى يمكن أن يتوصل الطرفان إلى الاتفاق بينهما بشأن ليبيا، خاصة وأنه بايدن حذر نظيره الروسي مرارًا وتكرارًا من أن الولايات المتحدة لن تغض الطرف بعد الآن عما تفعله روسيا في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك ليبيا.
وتحدث الفيتوري عن أن ألمانيا تستعد لاستضافة مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا في 23 يونيو، بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، حيث كان قد عقد المؤتمر الأول في يناير من العام الماضي، ومنذ ذلك الحين، شهدت ليبيا عددًا من التطورات السياسية والعسكرية الإيجابية.
وتطرق إلى التطورات الإيجابية، بقوله إن ليبيا حاليا، تتمتع بوقف لإطلاق النار ساري المفعول منذ توقيعه في جنيف في أكتوبر الماضي، ولكن مع ذلك، لم يغادر أي من المقاتلين والمرتزقة الأجانب ليبيا كما نصت عليه اتفاقية وقف إطلاق النار ومؤتمر برلين الأول، ويعد هذا إخفاقًا كبيرًا للمؤتمر، وتوصياته منصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2510 وملزمة للدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
وانتقل بحديثه عن الناحية السياسية، بقوله إن مؤتمر برلين الأول ساعد في دفع العملية إلى الأمام، ففي مارس أدت حكومة الوحدة المؤقتة اليمين الدستورية بعد أن وافق عليها ملتقى الحوار السياسي الذي جمعته الأمم المتحدة في جنيف في الشهر السابق، كما اتفق الملتقى على موعد 24 ديسمبر لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وتقدم الحوار السياسي داخل ليبيا إلى الأمام، وإن كان ببطء، حيث تم توحيد معظم المؤسسات الحكومية الموزعة بين شرق وغرب البلاد في ظل الحكومة الجديدة، باستثناء الأجهزة العسكرية والأمنية، التي لا تزال في قلب الخلافات.
وأشار إلى أنه في الوقت الذي دعت اللجنة العسكرية المشتركة ”5+5″ المسؤولة عن وقف إطلاق النار في أكتوبر إلى توحيد القوات المسلحة في ليبيا، لم يتم فعل أي شيء، وهناك جوانب أخرى من اتفاق وقف إطلاق النار لم يتم تنفيذها، بما في ذلك فتح الطريق الساحلي الذي يربط بين شرق وغرب وجنوب البلاد الشاسعة، وحتى الآن، فشلت جميع الجهود المبذولة لفتح الطريق الحيوي ومن غير المرجح أن تنجح في أي وقت قريب، حيث يمر هذا الطريق الخاص بالقرب من حقول النفط والغاز في البلاد، كما أنه يمر عبر خط الجبهة في سرت والجفرة، حيث تواجه القوات من الشرق والغرب بعضها البعض، وإن قرب المنطقة من ثروات البلاد من النفط والغاز يجعلها ذات أهمية خاصة للجهات الفاعلة المحلية والدولية المشاركة في ليبيا.
وأوضح إنه من المتوقع أن يقيّم المؤتمر القادم في برلين ما تم تحقيقه منذ برلين الأولى، وكيفية مساعدة ليبيا في الوصول إلى يوم اقتراع موحّدًا وفي سلام، ويندرج المؤتمر في إطار استراتيجية بعثة الأمم المتحدة لمعالجة الصراع الذي دام عقدًا من الزمان، حيث قالت مبعوثة الأمم المتحدة السابقة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز في مقابلة حديثة، إن هناك نهجًا “من الخارج إلى الداخل” تستخدم فيه الدول الأجنبية، بمساعدة الأطراف المختلفة في ليبيا، نفوذها على وكلائها المحليين لتسهيل الاتفاقات، وعلى الأقل هذا ما تأمله الأمم المتحدة، وأوضحت ويليامز أن هذا التكتيك يهدف أيضًا إلى تجنب الخلافات المعتادة بين الفصائل الليبية التي ”تحرف” أي اجتماعات دولية بشأن ليبيا، وأشارت إلى ما لا يقل عن اجتماعين سابقين من هذا النوع في باريس وباليرمو قبل ثلاث سنوات، كلاهما فشل في تحقيق نتائج ملموسة بسبب المشاحنات بين الليبيين أنفسهم.
ولفت إلى أنه من المحتمل أن يختلف مؤتمر “برلين 2” قليلاً في الأهداف والمحتوى والمشاركين، من المرجح أن تتم دعوة حكومة الوحدة المؤقتة، بينما من غير المتوقع أن يشارك الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، حيث لا يشغل حفتر أي منصب رسمي داخل حكومة الوحدة المؤقتة، لكنه رحب بتأسيسها، وهذا يعني أن جيشه غير معترف به من قبل الحكومة ولا مندمج في هيكل قيادتها، وهذه واحدة من المواقف المحرجة التي لم يتم حلها بعد، ويجب إيجاد حل وسط للحفاظ على الزخم السياسي نحو الانتخابات، مع الحفاظ على قبول حفتر وداعميه الأجانب، بما في ذلك روسيا.
وأردف بقوله إنه في حين أن المؤتمر الأول في برلين، ربما نجح جزئيًا في إجبار الأطراف المحلية على الاتفاق على خطوات معينة، إلا أنه فشل في جعل القوى الدولية المشاركة في الصراع تحترم التزاماتها التي قطعتها في برلين، والعقبات الرئيسية هنا ذات شقين: التدخل الدولي في الشؤون الداخلية الليبية، والأهم من ذلك، انسحاب جميع القوات الأجنبية والمقاتلين من الأراضي الليبية.
وأكد أنه على الرغم من الدعوات المتكررة لوزيرة الخارجية الجديدة لمغادرة هذه القوات من ليبيا، لم يفعل أي من تلك الأطراف ذلك حتى الآن، ولا تزال تركيا وإيطاليا وروسيا وآلاف المرتزقة من ثلاث دول أخرى على الأقل في ليبيا بطريقة أو بأخرى، فتركيا، على سبيل المثال، تدعي أن وجودها قانوني ويستند إلى اتفاق أمني وقعته مع حكومة طرابلس السابقة في نوفمبر 2019.
وتطرق إلى أنه من ناحية أخرى، تنفي روسيا وجود أي قوات لها في ليبيا ؛ وتصر على أن مقاتلي مجموعة فاغنر هم أفراد عاديون لا سيطرة لموسكو عليهم، وفي غضون ذلك، من المفترض أن تنظم حكومة الوحدة المؤقتة انتخابات ديسمبر دون وجود أي مقاتلين أجانب داخل ليبيا.
وأتم بقوله إنه من المنتظر حاليا أن نرى أي مدى ناقش بايدن وفلاديمير بوتين مسألة ليبيا في أول قمة وجهًا لوجه بينهما هذا الأسبوع، ومدى انعكاس ذلك في مؤتمر برلين الثاني، حيث يمكن لأي خلافات كبيرة بين الطرفين أن تعرقل انتخابات ديسمبر، وتعرض وقف إطلاق النار الحالي للخطر.
——–
ليبيا برس