غوقة: استقبلنا ليفي في بنغازي ودعمنا مصراتة بالأموال والمساعدات حتى لا يسيطر القذافي على الغرب

كشف نائب رئيس المجلس الانتقالي السابق، عبد الحفيظ غوقة، ‏أنه سبق له والتقى الفرنسي برنارد هنري ليفي، خلال فعاليات “ثورة ‏فبراير” عام 2011، بصفته مستشارًا للرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ‏ساركوزي.‏

وقال غوقة في مقابلة عبر فضائية “العربية” السعودية: “ليفي ذهب ‏إلى محكمة بنغازي في وقت لم أكن موجودًا فيه وسأل عمن يقود هذه المجموعة، وأخبرتني سارة العجيلي، ‏برغبته في لقائي”، مشيرًا إلى أنه قابله بحضور الائتلاف داخل ‏محكمة بنغازي.‏

أما عن طريقة دخول ليفي إلى بنغازي، فقال إنه دخل إلى ليبيا عن ‏طريق محافظة مرسى مطروح المصرية، لافتًا إلى أنه طلب منهم أن ‏يكون هناك اثنين من الائتلاف ممثلين لهم، ويسافروا معه على ‏الطائرة للقاء ساركوزي، تمهيدًا للاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي ‏رسميًا.‏

وأوضح أنه رفض ذلك الأمر بصورة واضحة ومباشرة، وأرجع ذلك ‏لأكثر من سبب، الأول منها، هو أن المجلس كان لا يريد أن يتصل بأي ‏جهة، إلا بعد أن يتم الاعتراف بهم كسلطة في ليبيا بديلة للنظام السابق، أما الثاني، فإنه لم يكن يعرف ليفي من قبل وأن ما قيل في ‏ذلك أن الثورة المضادة استغلت كون ليفي يهودي‎.‎

وتابع: “المجلس لم يستقبل يهودي، بل استقبل ‏مستشار للرئيس ساركوزي، وكان كاتبًا وإعلاميًا يحمل هذه الصفة، ‏ومن أرسله رئيس فرنسا، وفرنسا كانت أول الدول التي اعترفت ‏بالمجلس الوطني الانتقالي قبل حتى الاتحاد الأوروبي”، مضيفا أنه ‏يعتقد أنه حتى الاتحاد الأوروبي عندما اجتمع لاحقًا في مارس 2011 ‏أعلن قبوله بالمجلس الانتقالي كمحاور سياسي، ولم يقبل به كجسم ‏حاكم بديل.‏

وتطرق في تصريحاته أيضًا إلى مسألة اعتقاله قبل اندلاع أحداث فبراير ‏‏2011 بيومين، بقوله إنه اعتقل من داخل بيته، حيث كان ينوي أن ‏يغادر بيته قائلاً: “لكن النظام كانت لا تزال أجهزته الأمنية في بداية ‏الثورة موجودة”، لافتًا إلى أنه اعتُقل من بيته في الصباح الباكر من يوم 19 فبراير ‏وأنهم أخذوه إلى أحد المقرات في مدينة بنغازي معصوب العينين ثم ‏فوجئ أنهم أخذوه إلى مطار بنغازي وسافر إلى طرابلس ووضع في ‏طرابلس في مكان مختلف تمامًا.‏

وأشار إلى أن المكان الذي وُضع فيه في بنغازي كان حقيرًا جدًا، لا ‏يصلح حتى لبهيمة، قائلاً: “عندما وصلت إلى طرابلس ذهبت إلى مقر أشبه ‏بفندق كل شيء فيه متوفر حتى شاشة التليفزيون”.‏

ولفت إلى أن هناك شخصًا يدين له بالفضل في بقائه حيًا، وهو ‏نائب رئيس جهاز الأمن الخارجي آنذاك، العميد عبد السلام حميد، ‏وأنه هو الذي أخرجه من السجن وأتى به إلى مكتبه، واصطحبه ‏بسيارته الخاصة إلى المطار وسفّره إلى بنغازي ورده إلى أهله ‏في يوم واحد فقط.‏

وأكد أنه لم يحدث تحقيق معه، لافتًا إلى أنه سبق وسُجن سنة في ‏معتقل أبوسليم في الحرث/ نوفمبر 1984، وكانت تتم معاملته كأي ‏سجين وتُمنع عنه كل حقوقه، نافيًا تعرضه في تلك الفترة للتعذيب وأن اعتقاله كان بعد أن مرت أحداث 1984.‎

وكشف أن سبب اعتقاله لأنه كان يدرس في جامعة دمشق ‏وجاء أحد الأشخاص يحمل له رسالة من صديق كان في المعارضة، ‏واتضح أن هذا الشخص كان مرسل من المخابرات، ليعرفوا ما إذا ما ‏كان له علاقات في الخارج أم لا؟، مؤكدًا أنه لم يكن له علاقة بصديقه، وأنه اعتقل ‏بجريمة الامتناع عن التبليغ فقط‎.‎

ثم عاد وتطرق في المقابلة عن أحداث 2011، بقوله إنه عاد ‏من العاصمة، بسبب أن المحامين في طرابلس قاموا بوقفة ‏احتجاجية داخل مجمع المحاكم القريب من مكتب مدير إدارة ‏الاستخبارات العسكرية السابق اللواء عبد الله السنوسي، فخشي ‏النظام أن يخرج المحامين من المحكمة ويحدث ما حدث في ‏بنغازي ويخرجوا عن السيطرة‎.‎

ونوّه إلى أن مطالب المحامين في طرابلس وقتها كانت الإفراج عنه ‏باعتباره نقيبهم من السجن، والطلب الأخر هو وقف القتل، على ‏حد وصفه، في مدينة بنغازي، وبالفعل تم الإفراج عنه وعاد إلى ‏بنغازي‎.‎

وتحدث أيضا عن أنه في اجتماع المجلس الانتقالي الأول، تم ‏تسمية رئيس للحكومة ووزير للخارجية ورئيس للأركان، في مارس ‏‏2011، مستدركًا بأنه تم إرجاء الأمر ونقله إلى رئيس المكتب التنفيذي ‏المُنبثق عن المجلس، محمود جبريل.‏

وعن تلك الأسماء، قال: “تم تسمية فريق إدارة أزمة، ولم نسمها ‏حكومة، لأنه كان هناك حكومة في الغرب ولم نرد أن يتهمنا أحد ‏بأننا انفصاليين أو باحثين عن السلطة، وهو ما أقره جبريل أيضا، ‏حتى لا يفسر أنه تقسيم للبلاد”.‏

ولفت إلى أنه يعتقد أن أحد الأخطاء هو تشكيل جهاز الأمن الوقائي، ‏الذي كان قرارًا من رئيس المجلس الانتقالي الأسبق، مصطفى عبد ‏الجليل، خاصة وأن اختصاصات الجهاز سلبت اختصاصات وزارة ‏الداخلية والجهات السيادية، لأن الإسلاميين كانوا في هذا الجهاز ‏وهذا كان محل مخاوف، قائلاً: “نحن رفضنا ذلك”.‏

وأوضح أن عبد الجليل لم تكن عنده هذه المخاوف، وأنه وثق في ‏الموجودين في هذا الجهاز، ليذكر بعد ذلك في إحدى شهاداته أنه ‏وثق في ناس لم يكونوا أهل للثقة، مضيفًا التيار الوطني داخل ‏المجلس الانتقالي لم يتعامل معه مصطفى عبد الجليل على النحو ‏الذي تعامل به مع تيار الإسلام السياسي أو الإخوان,‏

وأرجع ذلك إلى أن عبد الجليل كان له ميول للتيار الديني، ولم تكن ‏له مشاكل مع الإخوان أو السلفيين، ووثق فيهم رغم أنهم لم يكونوا ‏أهل للثقة، مؤكدًا أن جميع الانتكاسات والأخطاء التي تُحمل ‏للمجلس الانتقالي كان وراءها الإسلام السياسي.‏

وتحدث عن أنه بعد أن تشكلت دولياً مجموعة الاتصال من أجل ‏ليبيا، والتي عقدت أول اجتماعاتها في روما ثم الدوحة ثم الإمارات ‏ثم تركيا، أحال محمود جبريل مقترح يقول لأنه لابد وأن نقبل به، قائلاً: “كان ‏هذا المقترح عبارة عن تشكيل سلطة فيها عسكريين من النظام ‏السابق، وفيها من المجلس الوطني الانتقالي، بعد أن أصبح يحمل ‏اعترافات عربية ودولية وإقليمية، وأن تشكل هذه السلطة، وإلا ‏سنكون نحن أمام سيناريو سيئ وهو تقسيم ليبيا ما بين الشرق ‏والغرب”.‏

وأكد أنهم رفضوا مبدأ التقسيم على الإطلاق وفوتوا أي فرصة لهذا ‏السيناريو، مستدركًا: “هذا العرض كنا نريد أن نبحث فيه ونعرف ماهيته ‏وأين ينتهي، لأن الأساس كان أن يتنحى العقيد معمر القذافي حيث ‏كان إسقاط النظام هو مطلب كل الثوار في أنحاء ليبيا وليس فقط ‏في بنغازي وهذه كانت أمانة”.‏

أما عن قبول العقيد معمر القذافي بالتقسيم من عدمه، فقال إن ذلك يظهر من ‏خلال استماتته في مصراتة، لأنه يعلم أنه لو أخذها بالكامل ‏فستُصبح مقسمة، مضيفًا أن ذلك السبب في أن معركة مصراتة ‏طالت وكانت عنيفة وتعرض الأهالي فيها إلى الحصار وقصف‎.‎

وأضاف بقوله إنهم رفضوا حتى قوات دولية تؤمن وصول ‏المساعدات إلى مصراتة، قائلاً: “كان لدينا الجراءة والقدرة ومن ‏الشباب المتحمس من يذهب في أكثر من 30 ساعة إبحار لإيصال ‏المساعدات إلى مصراتة عبر الميناء الوحيد هناك ميناء مصراتة ‏البحري، الذي كان يتعرض يوميًا للقصف، وعندما كانت تقترب ‏هذه الجرافات كانت تتعرض للقصف ورغم ذلك نجحت في إجلاء ‏الجرحى وإيصال المؤن والسلاح لأهلنا في مصراتة المحاصرين”.‏

وأشار إلى أن تونس كان لها دور ليس في مصراتة، ولكن في مدن ‏الجبل الغربي، باعتبار أن معبر الذهيبة مع تونس هو المنفذ، ‏فكانت تصل المساعدات إلى تونس وحتى السلاح وأشقائنا في ‏تونس يدخلونها إلى مدن الجبل الغربي عن طريق هذا المعبر ‏الوحيد الذي يربط الجبل الغربي بتونس.‏

وأقر بأن مصراتة كانت هي العقبة في سير المعارك، لأن المنطقة ‏الشرقية كان تم الانتهاء منها، لافتا إلى أن شغلهم الشاغل هو الغرب ‏الليبي في مدن الجبل الغربي، حتى يتم فك الحصار عنها وعن ‏مصراتة.‏

وأكد أن كل المساعدات والأموال كانت تذهب إلى مصراتة، وأنه تم ‏دعمها بشكل كبير جدًا، قائلاً: “أهلنا هناك صمدوا صمود أسطوري لا ‏لشيء، إلا لكي لا تنقسم البلاد، وحتى لا يسيطر القذافي على الغرب ‏الليبي، ونكون نحن الشرق وتصعب المسألة”.

وأتم بقوله: رفضنا أن تُقسم البلاد، ورفضنا أن يكون القذافي في ‏المشهد، حتى نكون أمناء على مطالب الناس ليس فقط في الشرق ‏الليبي، ولكن في كل المدن التي ثارت ضد نظام القذافي، لأننا سلطة ‏توافقية أنتجتها الثورة ولم نكن منتخبين”.‏

‏———
ليبيا برس