الشاهد: يصعب ضمان إجراء انتخابات آمنة في ليبيا ونأمل ألا تسلك نفس مسار تونس

أكد رئيس الوزراء التونسي السابق، يوسف الشاهد، أن الوضع في ليبيا كان له عواقب وخيمة على تونس، لا سيما على الصعيد الأمني، لافتًا أن الحدود بين ليبيا وتونس والبالغ طولها 500 كيلو متر غالبًا ما كانت مصدر قلق بالغ لتسهيل تداول الأسلحة والمقاتلين المتطرفين من خلالها.

وأوضح الشاهد في حواره مع معهد “Montaigne” الفرنسي، أن كل الهجمات التي تم ارتكابها في تونس تقريبًا تم التحضير لها في ليبيا من قبل التونسيين، كما سمحت الحدود أيضًا بعبور المقاتلين الأجانب إلى تونس الذين سافروا إلى مناطق القتال، بما في ذلك حوالي 3000 مواطن تونسي.

وأشار إلى أن تطبيق المراقبة الإلكترونية أدت الآن إلى تأمين الحدود إلى حد كبير؛ ومع ذلك، ما زلنا نواجه خطر عودة هؤلاء إلى ليبيا من سوريا وتونس من السودان، مشيرًا إلى أن التعامل مع هؤلاء المقاتلين الأجانب، حتى لو كانوا مسجونين، هو قضية معقدة اكتسبت تونس فيها خبرة كبيرة.

وأضاف الشاهد أن انهيار الدولة الليبية كان له تأثير اقتصادي قوي على تونس، حيث وجد قرابة 300 ألف تونسي ممن عملوا في ليبيا أنفسهم عاطلين عن العمل، مبيناً أن ليبيا كانت أيضًا ثاني أكبر شريك تجاري لتونس بعد فرنسا، وشكل إنهاء التجارة الثنائية خسارة فادحة لجنوب تونس حيث تأثرت بشكل خاص بإغلاق الحدود وفقدان الفرص التجارية.

وتابع: “أدى عدد من العوامل إلى تدخل القوى الأجنبية على حدودنا، وكانت الاستجابة الدولية بين عامي 2016 و 2019 سيئة التنسيق، وعلى الأخص غياب الولايات المتحدة عن معالجة القضية الليبية، وكان موقف أوروبا غير متسق وكان دعم ممثلي الأمم المتحدة ضعيفًا”.

وبين الشاهد أنه لم يكن هناك حوار بين دول المنطقة، وهي الأقدر على توفير فهم واضح للواقع على الأرض، ويمكن لتونس أن تلعب دورًا رئيسيًا في حل الصراع الليبي، مُشيرًا أن تونس تاريخيًا قريبة من الشعب الليبي، وتتمتع بعلاقات جيدة مع طرفي النزاع ويمكن أن تشارك في إيجاد حل مستدام، ولكن للحفاظ على موقعها التاريخي الحيادي لم تتدخل.

وعن تشكيل الحكومة المؤقتة والإعلان عن الانتخابات البرلمانية والرئاسية في ديسمبر، قال الشاهد أنه كانت هناك بعض المؤشرات الإيجابية التي تشير إلى انتهاء المأزق في ليبيا، ولا سيما تشكيل حكومة انتقالية جديدة، لكننا ما زلنا بحاجة إلى مراقبة بعض القضايا الرئيسية عن كثب.

وأضاف أن ليبيا قوة رئيسية لتحقيق الاستقرار في أفريقيا وجنوب أوروبا، ومن المهم للغاية أن تنجح التجربة الليبية، ونتجنب مخاطرها في تونس، مردفًا أن أكبر خطأ في تونس كان هو الفشل في التفكير بدقة في التحول الديمقراطي وآثاره، والدستور وتنظيم السلطات.

وأكمل: “هذا هو مصدر المأزق المؤسسي لدينا اليوم، بعد تسعة أشهر فقط من رحيل بن علي في يناير 2011، أجرت تونس انتخابات، ثم استغرقت صياغة الدستور ثلاث سنوات، وبعد عشر سنوات، وصلنا إلى طريق مسدود” لافتًا إلى أن تونس ارتكبت أخطاء في البداية وتدفع ثمنها الآن.

ومن ناحية أخرى قال الشاهد، “نأمل ألا تسلك ليبيا نفس المسار، سيتم دعوة الليبيين لانتخاب قادتهم الجدد في 24 ديسمبر 2021، وهو خبر سار، لكن لا تزال هناك تحديات كبيرة يجب التغلب عليها مسبقًا، مثل المصالحة الوطنية وتوحيد الجيش”.

ولفت الشاهد أن من الناحية اللوجستية يصعب حاليًا ضمان إجراء انتخابات آمنة، فلا يزال هناك عدد كبير من المليشيات والأسلحة، وحتى لو نجح التحدي التنظيمي المتمثل في إجراء الانتخابات، فسيكون هناك خطر من انفتاح السلطة أمام أي شخص.

وأوضح أن جذور المشكلة هي أن هناك عدم توافق داخل الطبقة السياسية الليبية حول القضايا المهمة، على سبيل المثال شكل الحكومة التي يرغب الشعب الليبي في تبنيها، فبينما يريد البعض جمهورية والبعض الآخر ملكية، هناك اختلافات عندما يتعلق الأمر بنظام التصويت أيضًا، البلد متباين للغاية.

ويرى أنه يجب أن بدء نقاش حول قضايا مثل التماسك الوطني وتوحيد البلاد، فيمكن أن تكون الخطوة الأولى هي التوصل إلى إجماع حول قضايا مثل كيفية تنظيم السلطة والشكل الذي ستتخذه الحكومة، لافتًا إلى أن هذه الخطوة يمكن أن تتبع بصياغة دستور ثم إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وكل هذا بهدف رؤية نجاح التجربة الليبية، وهو أمر حاسم لهذا الجزء من العالم.

وشدد الشاهد على أن الليبيين يستحقون العيش في سلام ورخاء فقد مروا بالكثير، ونريد جميعًا السلام والديمقراطية لليبيا في أقرب وقت ممكن، مؤكدًا أنه يرى نفس الأخطاء التي ارتكبت في تونس تلوح في الأفق.

وتابع: “لتحقيق السلام والازدهار للشعب الليبي، يحتاج العالم الغربي إلى طرح أسئلة صعبة والتركيز على القضايا المطروحة، على سبيل المثال، يمكن أن ينتهي الأمر بالانتخابات غير المؤهلة للطعن أو حتى عدم الاعتراف بها” مشيرًا إلى أن هناك شعور بنهاية الحرب والتحرك نحو مزيد من الاستقرار، فلقد خلقت خطة الأمم المتحدة الأمل، ومع ذلك، يجب أن يتيح الوقت وقتًا للتفكير بشكل أعمق، والذي سيقوده الليبيون أنفسهم، لتحديد النظام الذي يريدون تنفيذه.

واكمل الشاهد أن الحل الذي ترعاه الأمم المتحدة، برئيس توافقي للحكومة سيكون مسؤولاً عن الإشراف على الفترة الانتقالية ونزع السلاح في البلاد، التي ستُجرى الانتخابات في نهايتها، قد أعطى الأمل بالتأكيد، مضيفاً أن إجراء الانتخابات في نهاية العام، كما خطط لها، لا ينبغي أن يكون غاية في حد ذاته، فيجب التفكير في بناء ديمقراطية توفر السلام والازدهار لليبيا والمنطقة الأوسع.

واختتم بأن الأوروبيين يركزوا حاليا على انسحاب القوات الأجنبية، لكن هذا ليس بالشيء الذي سيحدث على الفور، ويمكن لفرنسا أن تلعب دورًا أكثر مركزية من خلال تحديد الممثلين الذين يجب تحديد أولوياتهم.

الانتخابات الليبيةتونسرئيس الوزراء التونسيليبيايوسف الشاهد