البيوضي: وجود مليون رقم وطني مزور يعني حسم المعركة الانتخابية في ديسمبر المُقبل لصالح طرف ضد آخر
أكد الكاتب والناشط السياسي من مصراتة، سليمان البيوضي، أن الحديث عن الانتخابات والديمقراطية، من دون وضع تأسيسي لها، هو دوران في الفراغ، وتعزيز لبيئة العنف التي يعيشها الليبيون، خاصة وأن الاتفاق السياسي الموقع في جنيف، اتفاق سياسي هش وبالغ التعقيد، ويحتاج توسيعًا لتعزيز ثقافة الانخراط المشترك والإيمان بحق الآخر مع تقديم التنازلات.
وقال البيوضي، خلال كلمته في اجتماع عبر تطبيق “زووم” مع ريزدون زينينغا، الأمين العام المساعد ومنسق عمليات بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وأعضاء القسم السياسي ببعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا: “لم تتوفر لنا السبل لإنتاج ديناميكية وطنية معززة بمفهوم المشاركة السياسية حكم التوافق في ليبيا الجديدة، بل إن دورة العنف لا تتوقف إلا لتبدأ من جديد، وخلال العشرية السوداء التي طال أمدها فقد الليبيون البسطاء كل آمالهم المعقودة وبات طريق الخلاص مليئا بالأشواك”.
وتابع: “ليبيا رغم كل التقدم التكنولوجي إلا أنها تعيش ثقافة الجزر المعزولة، التي نجحت في توسيع دائرة الأزمة بعناوينها العريضة، الاستقطاب والإقصاء والتهميش”، مشيرا إلى أن الديمقراطية العرجاء أنتجت نظاما سياسيًا جديدًا لا يمت بصلة لحركة التغيير في المجتمعات النامية، حيث توقفت التنمية في ليبيا فسحقت الطبقات العاملة وتشكلت طبقة اللصوص في بيئة من الديمقراطية الفاسدة.
وحذر من أن الطبقة السياسية الحاكمة لم تستوعب أنها داخل مجتمع متغير يحاول البحث عن نفسه لإنتاج عهد جديد، مؤكدًا أن هذا سر خطورة الوضع السياسي الحالي في ليبيا، خاصة وأن تركات سنوات طويلة من الصراع فرضت نفسها في تشكيل حكومة الوحدة المؤقتة، وأنتجت سلطة محاصصة مناطقية وجهوية ضعيفة، بسبب القدرات المتواضعة التي تفرضها المحاصصة، وباتت الحكومة بحاجة لتعزيز نفسها بمزيد من الكفاءات السياسية الشابة القادرة على إيصال المشروع إلى أهدافه المحددة.
وأكد أن ليبيا بحاجة إلى ترتيب الأولويات وأن الحديث عن الانتخابات والديمقراطية دون وجود وضع تأسيسي، هو دوران في الفراغ وتعزيز لبيئة العنف الذي يعيشه الليبيون، فأجيال كاملة من هذه الأمة لن تكون قادرة على الخروج من الفراغ، مشيرًا إلى أن الحل هو دوران عجلة الاقتصاد، لأنها الأداة الوحيدة القادرة على بناء مفاهيم جديدة والقضاء على حالة الإنهاك المجتمعي، الذي عانى من ويلات الركود وسرقة المدخرات في ظل حالة من الافتراس الممنهج للموارد.
ولفت إلى أنه تم دفع شباب الأمة للانخراط في فورات العنف المسلح، والبدء في إعادة الإعمار وتحريك عجلة الاقتصاد بمبادئه المختلفة تضامنيًا وتشاركًا واستثمارا هو الأساس، لتحقيق مستوى عال من الأمن السياسي والمجتمعي، وسيكون الشارع المحلي المستفيد من وجود الشركات الأجنبية العاملة في ليبيا بمستوياته المختلفة هو صمام الأمان للحفاظ على الأمن والسلم الأهلي.
وأوضح أن ستكون بيئة العمل في ليبيا هي الذراع الطويل لإنهاء الانقسام وثقافة الجزر المعزولة، إن المرور لانتخابات عامة دون إنهاء ثقافة عدم اليقين قد ينتج سلطة منزوعة الشرعية، فالانتخابات البلدية شهدت عزوفا مرعبا على الصناديق، وإنتاج أجسام مهلهلة الشرعية قد يعيدنا لثقافة الانقلاب على النتائج وعدم الاعتراف بالمسار الديمقراطي، وعليه فإن تحرير صوت المواطن السياسي اقتصاديا، سيكون أداة لصناعة شرعية ديمقراطية معززة.
وطالب حكومة الوحدة المؤقتة بوضع خارطة طريق للمصالحة الوطنية وفتح حوار مجتمعي يسع الجميع، وبموجبه يعود المهجرون والنازحون لمدنهم وقراهم وبيوتهم دون قيد أو شرط، إن الشريعة الإسلامية السمحاء والعرف والقانون لديها من النصوص والمفاهيم، ما يجعل هذا ممكنا مع الاحتفاظ بالحقوق وتطبيق العقاب، إن اقتضت الحاجة.
وأشار إلى أن الأجسام الانتخابية في ديسمبر 2021، مطالبة بالتعامل مع الملفات الشائكة مثل، وقف تدفق الهجرة غير الشرعية، لأن هذا يتطلب دولة تمتلك سيادة على حدودها، وكذلك ملف القوة العسكرية، وتعزيز مفهوم حصريتها لدى الدولة، لأن هذا سيساعد على إعادة الاقتصاد إلى مجاريها، ولكن حذر من أن هناك عشرات القواعد الأجنبية وآلاف من القوات والمرتزقة لن يسمح للبلاد بأن تعالج أزمتها، بل سيزداد ارتهان البلاد ومواردها لمنظومة دولية تعزز وجودها بالاستقطاب ودورات العنف السياسي، مشيرا إلى أن هذا ملف لا يمكن معالجته إلا بإرادة دولية موحدة ومواقف راسخة وقرارات حازمة وحاسمة.
وتطرق بالحديث عن الانتخابات بقوله إن هناك حاجة لعلاج ملف التعداد السكاني قبل انطلاق الانتخابات، لأن مليون رقم وطني مزور يعني حسم المعركة الانتخابية لصالح طرف ضد آخر، وإعلان مقابل بعدم شرعيتها وتزويرها، مؤكدا أن مفوضية الانتخابات مطالبة بإلغاء كل السجلات السابقة وفتح التسجيل للانتخابات وتضمين التسجيل ببطاقة الناخب على أن تحمل صورته وبياناته بشكل دقيق.
وقال إنه بكل أسف بتلك الطريقة ليبيا مقبلة على فشل حتمي عقب الانتخابات الوطنية، فالقاعدة الدستورية المقترحة من قبل اللجنة القانونية للملتقى السياسي الليبي، ستؤدي لميلاد برلمان فاسد ورئيس منزوع الصلاحيات، وهو ما سيؤدي لانسداد سياسي ودورة من العنف ستبدأ عقب الانتخابات، بسبب عدم الفصل بين السلطات و إقرار قاعدة متماسكة.
واقترح اعتماد مقترح لجنة فبراير المعلن عنه يوم 5 مارس 2014 كقاعدة دستورية انتقالية دون تعديل أو إضافة على غرار ما حصل في التعديل الدستوري السابع، والذي ألغى الانتخابات الرئاسية المباشرة، مشيرا إلى أن ن مقترح لجنة فبراير يمثل أقصر الطرق للوصول لانتخابات آمنة وموثوقة، لأن مسودة القاعدة الدستورية المعلن عنها هي قنبلة موقوتة وانسداد سياسي مؤكد في ليبيا بعد ديسمبر 2021.
——-
ليبيا برس