سلامة: الليبيون يرغبون في الخروج من الورطة التي تورطوا فيها بعد 2011م

علّق الممثل السابق للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، غسان سلامة على ما أثير حول وجود مال سياسي فاسد في ملتقى الحوار، بأنه يوجد فساد في ليبيا بشكل دائم ويومي، بل الأكثر من الفساد حيث يوجد نهب، على حد قوله.

وقال في حوار لبرنامج “لقاء خاص” عبر فضائية “218”: “حدث شيء مصطنع فيما يخص الحوار السياسي، فللتوضيح لجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن تقدم تقريرًا كل ثلاثة أشهر عن تنفيذ قرارات مجلس الأمن لا تطلع البعثة عليه لا قبل ولا بعد”.

واستدرك: “لكن أحيانا يكون لنا أصدقاء في مجلس الأمن فيقوم سفير هذه الدولة أو تلك بتسريب النص وهذا ما حدث بالنسبة للنص الأخير، وأريد أن أؤكد على أنه ليس هناك اسم واحد في تقرير لجنة الخبراء، فلم يكن هناك من كان لديه الشجاعة الكاملة ليقول أنا عُرض عليّ أو عرضت مال”.

وتابع: “هناك أشخاص عددهم قليل اثنين أو ثلاثة اتصلوا باللجنة بعد نتيجة الانتخابات، وليس بعد اجتماع تونس، حيث ربما جاءت النتيجة مغايرة لما يريدون وهذا أمر يضعف الحجة إلى حد ما، فلماذا انتظروا كل ذلك الوقت”.

واستطرد: “أنا لا أقول أنه لم يحدث أي فساد في الحوار، فأنا لا أعلم، وليس لدي أي حجة ولم يعطني أحد أي حجة”، مؤكدًا أن ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة وقتها ستيفاني ويليامز ليس لديها أي حجة رغم أنها كانت موجودة.

وحول سبب تصريحاته أكثر من مرة عن الفساد الممنهج في ليبيا، أجاب بأنه شاهد بعينه قافلة البنزين تذهب إلى تونس ورسائل الإعتماد الصادرة عن مصرف ليبيا المركزي للتجار، قائلاً: “كان لي تصريح أنني أرى كل يوم مليونيرًا جديدًا في ليبيا، حيث كنت أرى بعيني مدى الهدر والنفاق والفساد وخاصة النهب”.

وضرب مثال أن أول بناية رأها في زوارة كانت مستشفى بها 340 سرير ينقصها 10% فقط لتكون مستشفى جاهز، متسائلاً: “لماذا كل أهل المنطقة هناك يذهبوا لتقي العلاج في تونس”.

وأورد أن ليبيا تدفع أموال طائلة لتركيا والأردن وتونس ومصر لعلاج الليبيين في تلك البلاد بدلاً من علاجهم بليبيا، مضيفاً أنه أيضاً ذهب إلى الزنتان ليجد المستشفى هناك لا يعمل فيها إلا آلة واحدة رغم أنها كلها آلات لاستخدمات متنوعة من النوع الممتاز، لكن لم يتم إصلاحها.

وأكمل: “بعيني رأيت مئات من الليبيين من غير المرضى تصرف عليهم وزارة الصحة سياحة في اسطنبول وتونس، ورأيت تلك المستشفيات تضخم الأرقام لتحصل على المزيد من الأموال الليبية”.

وأكد أنه عندما قال أن ما يحدث في ليبيا ليس فساد ولكنه نهب كان ضميره مرتاح والآن مرتاح أكثر، مبرراً: “لأني رأيت فقر في ليبيا لا يجب أن يكون موجودًا، فليبيا فيها ناتج يشبه الناتج الكويتي بل تنتج نفط وغاز أكثر من الكويت فلماذا يعيش فيها ناس مثل الصومال وليس الكويت”.

وتساءل: “لماذا لم يعمر حجر من بنغازي من بعد تدميرها؟، هناك من أصبح جلدهم قاسي مثل جلد التمساح فلا يسمعون لهذا الكلام وهناك من يتأثرون به ولكن لا يفعلون شيء، طيب ساعدونا لنغيير ونضع التشريعات ونغيير الناس”.

وأشار إلى أن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المنتهية ولايتها بكى أكثر من مرة عندما قال له هذا الكلام، متوقعًا أن بكاء السراج كان ربما عن عجر وأنه يأمل أن يكون كذلك، مُردفًا: “أنا قولت له هذا الكلام حتى في تونس أمام سفراء الدول الكبرى، وقولت له هناك عقد بينك وبين المجتمع الدولي هو يعترف بك وأنت توقف كل هذه العمليات”.

وحول الدور التركي في المنطقة، لفت إلى أن تركيا في الفترة الأخيرة لها صلة بحركة الإخوان المسلمين، مشيرًا إلى أن حاجة الدول السابقة لقوي من ذلك النوع تكمن في أنها بحاجة إلى حلفاء لها في غيرها من الدول تحركهم دون أن يقال أنها تتدخل في شؤون غيرها من الدول أو تمسك و”يدها في الكيس” _حسب تعبيره.

وأوضح أنه على الجانب الآخر الدول الغربية أصبح لديها شركات أمنية خاصة مثل فاغنرز الروسية في ليبيا، وإيرك برنس وبلاك ووتر الأمريكية التي تم تشغيلها في الصومال ومحاولة تشغيلها في ليبيا في يونيو 2020م وفشلت، موضحًا أن هذه الشركات تقوم بنفس عمليات المليشيات المسلحة التي تمولها الدول.

وبيّن أنه بعد مجئ ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا الجديد يان كوبيش لم يعد له أي علاقة بليبيا في الأمم المتحدة، موضحاً أنه من الممكن أن يقدم إليه المشورة إذا طلبها.

واسترسل: “لكن أتلقى يومياً عشرات الاتصالات من الأصدقاء الكثيرين لي في ليبيا وأنا فخور بهم وأصبحت ليبيا بلدي الثاني وسأتابع شؤونها يوميًا لأرى كيف تتقدم نحو مزيد من الاستقرار”.

وشدد على أنه يفخر بأنه أرجع البعثة الأممية إلى ليبيا، حسب تعبيره، قائلاً: “كانوا قاعدين مرتاحين في تونس فرجعوا إلى ليبيا لأنهم جاءوا لمساعدة الشعب الليبي ليس بالمراسلة، وأرجعتهم إلى ليبيا وسبقتهم وظللت عام لوحدي بها إلى أن رجعت البعثة، وأعتقد أن المنظمات الدولية لا شرعية لها إذا لم تكن في خدمة الناس الذين ذهبت لخدمتهم”.

وواصل: “أخذت من ليبيا الكثير صحراء وبحر جميلين، وناس على قدر كبير من البساطة ويحبون وطنهم ومتجذرين في مكانهم ربما أكبر من اللازم ويجب موازنة ذلك بالتعلق بالبلد ككل وأتمنى أن يكون الشعور الوطني غالب على المحلي بين الليبيين، وهم يرغبون بالخروج من الورطة التي تورطوا بها بعد سنة 2011م لكن لا يعرفون كيف”.

وفي ختام حديثه، أعلن غسان سلامة، أنه سيكتب هو وستيفاني ويليامز كتاب معًا عن تجربتهما في ليبيا، وأنه بالفعل بدأت كتابته ومن المتوقع صدوره في الصيف.